تبسيط الايمان
الله و الانسان -عقيدة الفداء و الخلاص و اساسها اللاهوتي

حياة النور المسيحي / الله و الانسان -عقيدة الفداء و الخلاص واساسها اللاهوتي في المسيحية
أولا : الله و الأنسان
ثانيا : نتائج السقوط فى الخطية
ثالثا : تدبيرالفداء وشروط الفادى
رابعا : أهمية عقيدة الفداء فى المسيحية
خامسا : مفاعيل دم ربنا يسوع فى حياتنا
أولا : الله والأنسان:
لقد خلق الله الأنسان للخلود الأبدى وذلك حينما نفخ فى التراب نفخة قدسية إلهية فصار آدم نفساً حية ” فخلق الله الأنسان على صورته ، على صورة الله خلقه . ذكراً وأنثى خلقهم وباركهم الله وقال لهم “أثمروا وأملأوا الأرض ” ( تك 1:27_28 ) فلقد خلق الله الأنسان على صورته من حيث :
- العقل والنطق :إن الله اللوغوس ( الكلمة ) الحكمة الإلهية اللانهائية أعطى الأنسان قبساً من العقل فصار آدم كائناً عاقلاً مدركاً يدرس ويستنتج ويحلل بعكس بقية الكائنات .
- البر والقداسة :لقد كان آدم وحواء متشحين ببر الله وطاعة وصاياه وقد أنتهت هذه الحالة بالسقوط فى العصيان وبالرغبة فى التعالى والتآله حينما خعا لغواية الحية ( تك 4:3 ) .
- الحرية :فالله حر وقد خلق الأنسان حراً يتخذ قراره بنفسه ويتحمل مسئولية ذلك. الحرية هى التى جعلت الله يخلق الملائكة ويعطيها فرصة أختيار ، فيسقط الشيطان وأجناده وكان الله قادر أن يبيده ولكنه سمح باستمراره حتى الآن ليعطى الأنسان فرصة لممارسه الحرية والأختيار بين تبعيه الله أو الشيطان .
- وحتى بعد الفداء الذى جدد الأنسان بالمعمودية بقى الأنسان حراً يختار أفعاله بنفسه ويمارس حريته كامله . ولقد كلفت حرية الأنسان الله نكاليف كبيرة بذلها الله فى محبة كاملة ليعطى الأنسان فرصة الأختيار بين الخير والشر كما صارت له إمكانية الخلاص من الخطية ووراثة الملكوت .
- الخلود :أعطى الله آدم وحواء إمكانية الأكل من شجرة الحياة التى من يأكل منها لا يموت وكانت إشارة لربنا يسوع المسيح مانح الحياة والخلود ، ولما خالف آدم وحواء الوصية وأكلا من شجرة معرفة الخير والشر أخرجه الله من جنة عدن واضعاً كاروبيم بلهيب سيف متقلب لحراسة الطريق إلى شجرة الحياة . خوفا من أن يأكل آدم من شجرة الحياة فيحيا إلى الأبد فى فساد الخطية وكانت هذه الحالة مؤقتة إلى حين التجسد والفداء .
ثانيا ً : نتائج السقوط فى الخطية:
فساد الطبيعة البشرية :
فلم يعد مشابهاً لله فقد حياة البر بالسقوط وشعر بعريه علامة غياب النقاوة وسيطرة شهوة الجسد وسطوة الأنا والذات . فكانت النتيجة الطبيعية هى محاولة الأختباء وراء الجنة وأوراق التين ولكن كل هذا لم يستر عريهما .
تسللت الخطيئة إلى عمق الأنسان:
بدأ الصراع بين البشر فقتل قايين أخاه هابيل وبدا يظهر نسل شرير فى الأرض فوجد أبناء الله وبنات الناس حتى إن الله رأى أن شر الأنسان قد كثر و أن كل تصور قلبه إنما هو شرير وتأسف الله على خلقه الأنسان .
الطرد من جنة عدن :
هاما آدم وحواء فى الأرض يعيشان بالتعب والألم ” أخرجه الرب من جنة عدن ليعمل الأرض التى أخذ منها فطرد الأنسان” ( تك 3: 22-23 )
تمرد الطبيعة :
بعد أن كانت الخلائق الحيوانية والنباتية خاضعة له صارت هناك الوحوش المفترسة والكوارث الطبيعية والأمراض ، وبعد أن كان آدم تاج الخليقة وكاهنها الذى يرفع صلواتها وتسابيحها إلى الله تمردت عليه هذه الخلائق وصارت رعباً له .
حكم الموت :
فأجرة الخطية هى موت ” ( رو 23:6 ) والموت الذى أصاب البشرية موت رباعى :
- موت جسدى : يصيب الجسد إذ توارى الأنسان التراب .
- موت روحى : يصيب الروح إذ تنفصل عن الله .
- موت أدبى : يصيب الكرامة الإنسانية إذ تهينه الخطية كالأبن الضال ( لو 15 ) .
- موت أبدى : تنزل روحه للهاوية تمهيداً للهلاك الأبدى فى جهنم .
تسلط إبليس على البشرية : وصار رئيساً لهذا العالم فهو روح الأثم الذى يعمل فى أبناء المعصية اف 2 وعن البشرية التى بعدت عن الله ” وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله فى معرفتهم أسلمهم إلىذهن مرفوض لفعلوا مالا يليق ” ( رو 28:1 )
أنفصال الأنسان عن الله : لم يعد فى شركة معه بعد أن كان يرى الله ماشياً فى الجنة وبعد أن كان يتمتع بالحديث معه ، حتى إن أيوب البار يصرخ ” ليس بيننا من مصالح يضع يده على كلينا ” ( أى 33:9 ) وأشعيا النبى ينادى المخلص ” ليتك تشق السموات وتنزل ” ( أش 1:64 )
ثالثا : تدبير الفداء وشروط الفادى : كان هناك أحد ثلاثة حلول :
- أن يموت آدم : يتناقض مع محبة وكرامة وحكمة وذكاء الله وقوته .
- أن يسامح الله آدم : يتناقض مع عدالة الله اللانهائية وصدق الله .
- أن يفدى الله أدم : أى يموت أخر عن آدم ليفديه ويحمل عنه حكم الموت .
هذه الأمور الثلاثة تستدعى فادياً و يستحيل أن تجتمع هذه المواصفات فى إنسان أو ملاك كما نصلى فى القداس. الغريغورى :
” لا مالك ولا رئيس ملائكة ولا رئيس أباء ولا نبياً أئتمنته على خلاصنا : بل أنت بغير استحالة تجسدت وتأنست وشابهتنا فى كل شىء ماخلا الخطية وحدها ) .
ولم يكن خلاص الأنسان ممكناً إلا عن طريق تدبير الفداء هذا الذى أقتضى أن يتجسد الله.
شروط الفادى :
- إنسان : لأن الذى أخطأ أنسان .
- يموت : لأن أجرة الخطية موت .
- بلا خطية : لأن فاقد الشىء لا يعطيه .
- غير محدود: لأن خطية آدم ضد الله غير المحدود فعقوبتها غير محدودة .
- خالق : ليستطيع تجديد طبيعة الأنسان التى فسدت بالخطية وأصبح بلاهوته قادرا على إيفاء (3، 4 ، 5 ) وبناسوته يوفى المطلبين ( 1 ، 2 )
رابعاً : أهمية عقيدة الفداء فى الإيمان المسيحى:
الفداء فى المسيحية هو العامة الأساسية القائم عليها كل بنيان المسيحية فالفداء إعلان لجميع الحقائق المسيحية التى تتصل بالله وكذلك التى تتصل بالأنسان .
بالنسبة لله:
- إعلان محبة الله غير المحدودة للأنسان والتى جعلته يدبر للأنسان خلاصاً من خطاياه ليرده إلى رتبته الأولى ويعيده إلى الفردوس . ولأن الأنسان يعجز عن إيجاد وسيلة خلاصه فقد تجسد ليفديه تعبيراً عن حبه للأنسان وعن جدية أهتمامه ورغبة فى أن يرد إليه بنوته وبالتالى ميراثه الأبدى ” لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ” ( يو 16 : 3 )
- إعلان لسر الواحد فى الثالوث والثالوث فى الواحد ، الآب بذل أبنه والأبن بذل ذاته والروح القدس يعطينا بركات الفداء .
بالنسبة للأنسان :
الخلاص من حكم الموت إذ مات هو بدلاً منا .
الخلاص من سلطان الخطية إذ أبطل الخطيئة بجسده المقدس .
الخلاص من سطوة أبليس إذ سحقه على الصليب .
الخلاص من الطبيعة الفاسدة إذ أعاد تجديد الأنسان مرة أخرى بتجسده وفدائه وروحه القدوس .
الخلاص من قبضة الهاوية إذ فتح له الفردوس المغلق .
الخلاص من جسد والضعف إذ أعطاه إمكانية القيامة بجسد نورانى ممجد .
الخلاص من سلطان الموت إذ منحه القيامة والخلود
خامساً : مفاعيل دم ربنا يسوع فى حياتنا :
- يغفر :لأنه ” بدون سفك دم لا تحصل مغفرة ” ( عب 22:9 ) ” فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا ” ( أف 7:1 ) ، لقد كان الدم منذ القديم وسيلة غفران رمزاً لذبيحة المسيح الكفارية ، لهذا رأينا خيط الدم يخترق كل صفحات الكتاب المقدس بدءاً من أقمصة الجلد التى صنعها الله لآدم ( تك 21:3 ) ثم ذبيحة هابيل( تك 4: 10:4 ) ثم ذبيحة نوح ( تك 8 ) وفى أيام موسى نجد خروف الفصح ( خر 12 ) ثم الذبائح الدموية { المحرقة لاويين – الخطية لاويين 4 – الأثم لاويين 7 – السلامة لاويين 3 – وكذلك يوم الكفارة العظيم لاويين 16 } و أيضاً رأينا الدم فى الحبل القرمزى الذى أنقذ راحاب ( يش 18:8 )
- يطهر :” دم يسوع أبنه يطهرنا من كل خطية ” ( 1يو 7:1 ) ونجد كلمة كل أى لاتوجد خطية تستعصى على دم المسيح . أن دم المسيح يطهر ويغسل الأنسان من كل خطاياه لذلك يقول معلمنا بولس الرسول : ” هكذا كان أناس فيكم ( يمارسون الخطايا ) لكن أغتسلتم بل تقدستم بل تيررتم باسم الرب القدوس وبروح إلهنا ” (1كو 11:6 )
- يقدس :التقديس معناه ” التخصيص والملكية ” فدم المسيح لا يغفر لنا الماضى فحسب ولا يطهر حاضرنا بل هو يقدس مستقبلنا أيضاً . إذ يجعلنا ملكاً للمسيح ” لكى يقدس الشعب بدم نفسه تألم خارج الباب ” ( عب 12:13 ) .
- يثبتنا فى المسيح : فهو أوصانا ” من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فى وأنا فيه ” ( يو 56:6 ) وهكذا بالتناول ننفذ وصيته ” اثبتوا فى و أنا أيضاً فيكم . كما أن الغصن لا يقدر أن يأتى بثمر من ذاته إن لم يثبت فى الكرمة . كذلك أنتم إن لم تثبتوا فى.( يو 15 : 5،4 )
- يعطينا حياة أبدية : ” من يأكل جسدى ويشرب دمى فله حياة أبدية وأنا أقيمه فى اليوم الأخير ” يو 54:6 لهذا فالجسد والدم الأقدسان هما طريق الخلود وسبيل الحياة الأبدية ” من يأكلنى فهو يحيا بى ” ( يو 57:6 ) . طوبى لمن يتد بالجسد والدم الأقدسين حيث ينال بركات الغفران والتطهير والتقديس والثبات هنا على الأرض ثم الأبدية والخلود .