تبسيط الايمان
الاختلاف بين عقيدتنا الارثوذكسية والفكرالبروتستانتى فى الصوم

لاهوت مقارن
حياة النور المسيحي / الاختلاف بين عقيدتنا الارثوذكسية والفكر البروتستانتى فى الصوم
عناصر البحث:
- مقدمة البحث
- الصوم فى الكتاب المقدس
- امثلة للصوم فى الكتاب المقدس
- مفهوم الصوم فى المسيحية الارثوذكسية
- نقط الخلاف مع البروتستانت فى الصوم
- الرد على هذة الاعتراضات
- الختام و المصادر
بسم الثالوث القدوس
مقدمة البحث :
إن عقيدتنا الارثوذكسية زاخرة بالكثير من المعانى و المبادئ و التعاليم السامية و نحن نحاول دائما البحث و التأمل فى هذة المبادئ و من هنا جاءت أهمية دراسة علم اللاهوت عامة و لكن فى دراستنا لعلم اللاهوت المقارن فنحن نحاول فهم الايمان الواحد المستقيم الذى تقوم علية العقيدة الارثوذكسية “الايمان الواحد ” هو عقيدتنا.
هذا الايمان الواحد هو ايمان كل عضو فى الكنيسة، ومصدرة الاساسى هو الكتاب المقدس ثم أقوال الاباء القديسين ثم قوانين المجامع المعتمدة و كلها بحسب الكتاب المقدس .
وهناك العديد من الإختلافات بين عقيدتنا و بين البروتستانت و لكن فى هذا البحث سوف نتحدث عن الصوم و الخلافات بيننا فية.
اولا : الصوم فى الكتاب المقدس:
* الصوم هو أقدم وصية عرفتها البشرية، فقد كانت الوصية التي أعطاها الله لأبينا آدم، هي أن يمتنع عن الأكل من صنف معين بالذات، من شجرة معينة (تك 2: 16، 17)، بينما يمكن أن يأكل من باقي الأصناف.وبهذا وضع الله حدودًا للجسد لا يتعداها.
فهو ليس مطلق الحرية، يأخذ من كل ما يراه، ومن كل ما يهواه. بل هناك ما يجب أن يمتنع عنه، أي أن يضبط إرادته من جهته. وهكذا كان علي الإنسان منذ البدء أن يضبط جسده. فقد تكون الشجرة “جيدة للكل، وبهجة للعيون، وشهية للنظر” (تك 3: 60). ومع ذلك يجب الامتناع عنها.
* بالامتناع عن الأكل، يرتفع الإنسان فوق مستوى الجسد، ويرتفع أيضًا فوق مستوى المادة، وهذه هي حكمة الصوم.
ولو نجح الإنسان الأول في هذا الاختبار، وانتصر علي رغبة جسده في الكل، وانتصر علي حواس جسده التي رأت الشجرة فإذا هي شهية للنظر لو نجح في تلك التجربة، لكان ذلك برهانًا علي أن روحه قد غلبت شهوات جسده، وحينئذ كان يستحق أن يأكل من شجرة الحياة.
ولكنه انهزم أمام الجسد، فأخذ الجسد سلطانا عليه.
وجاء السيد المسيح، ليرد الإنسان إلي رتبته الأولى.
* بدأ المسيح خدمته بالصوم، ورفض إغراء الشيطان بالكل لحياة الجسد، أظهر له السيد المسيح أن الإنسان ليس مجرد جسد،، إنما فيه عنصر آخر هو الروح. وطعام الروح هو كل كلمة تخرج من فم الله، فقال له:
“ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله” (متى 4:4).
ولم تكن هذه قاعدة روحية جديدة، أتي بها العهد الجديد، إنما كانت وصية قديمة أعطيت للإنسان في أول شريعة مكتوبة (تث 8: 3)
ثانيا : امثلة للصوم فى الكتاب المقدس
1- امثلة للصوم فى العهد القديم
– داود النبي يقول: “أذللت بالصوم نفسي” (مز 35: 13)، ويقول “أبكيت بالصوم نفسي” (مز 69: 10)، ويقول أيضًا: “ركبتاي ارتعشتا من الصوم” (مز 109: 24). كما أنه صام لما كان ابنه مريضًا، وكان يطلب نفسه من الرب. وفي صومه “بات مضطجعًا على الأرض” (2 صم 12: 16).
– وقد صام دانيال النبي (دا 9: 3)، وصام حزقيال النبي أيضًا (حز 4: 9).
– نحميا صام لما سمع أن سور أورشليم مُنهَدِم وأبوابها محروقة بالنار (نح 1: 3، 4).
– وكذا صام عزرا الكاهن والكاتب، ونادى بصوم لجميع الشعب (عز 8: 21).
– وقد قيل عن حنة النبية إنها كانت”لا تفارق الهيكل عابده بأصوام وطلبات”(لو2: 37).
2- امثلة الصوم فى العهد الجيد
– كما صام المسيح، صار رسله أيضًا..
وقد قال السيد المسيح في ذلك “حينما يرفع عنهم العريس حينئذ يصومون” (متى 9: 15) وقد صاموا فعلًا. وهكذا كان صوم الرسل أقدم وأول صوم صامته الكنيسة المسيحية. وقيل عن بطرس الرسول إنه كان صائمًا حتى جاع كثيرًا واشتهي أن يأكل (أع 10: 10) فظهرت له الرؤيا الخاصة بقبول الأمم. وهكذا كان إعلان قبول الأمم في أثناء الصوم. وبولس الرسول كان يخدم الرب “في أتعاب، في أسهار، في أصوام” (2 كو 6: 5)، بل قيل عنه “في أصوام مرارًا كثيرة” (2 كو 11: 27). وقيل إنه صام ومعه برنابا (اع 14: 23).
– إذ يقول الكتاب “وفيما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس: أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه. فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي” (أع 13: 2، 3)
ثالثا : مفهوم الصوم فى المسيحية الارثوذكسية:
– الصوم بمفهومه الخاص، هو الامتناع عن الطعام فترة معينة، يتناول الصائم بعدها أطعمة خالية من الدسم الحيواني. أي أن فترة الإنقطاع جزء أساسي من الصوم. لكن للصوم مفهومًا عامًا عند الآباء القديسين. فهو في رأيهم يشتمل على كل صنوف التقشف والنسك وقمع الأهواء والشهوات الجسدية..
– وللصوم مكانة خاصة متميزة في الحياة الروحية. ونجد ممارسات وأمثلة عديدة للصوم في كل من العهد القديم، و العهد الجديد من الكتاب المقدس.
– الصوم الانقطاعي: أما فترة الانقطاع فالأصل أن تكون إلى الغروب بالنسبة إلى الصوم الكبير وما يجري مجراه، وإلى الساعة الثالثة بعد الظهر في باقي الأصوام. ولكننا ننصح بأن يُترك تحديد فترة الانقطاع إلى مشورة أب الاعتراف وتوجيهه حسبما يراه من جهة صحة المعترف الجسدية وحياته الروحية.
– يمتنع عن الصوم الانقطاعي في يومي السبت والأحد على مدار السنة، ما عدا يوم سبت الفرح حيث كان السيد المسيح في القبر، ويمتنع عن الصوم إطلاقًا خلال الخمسين يومًا المقدسة التي تعقب عيد القيامة المجيد.
– نلاحظ أن المطانيات تمشي مع الصوم جنبًا إلى جنب من حيث اليوم الذي لا يجوز فيه الصوم، لا تجوز فيه أيضًا المطانيات، مثل الأعياد السيدية الكبرى والخماسين والسبوت والآحاد. كما يجوز أيضًا ممارسة الميطانيات في باقي أيام السنة.
– ويوجد صوم أيضًا قبل التناول من الأسرار المقدسة، وهو صوم انقطاعي عن الطعام لمدة تسع ساعات قبل التناول. وإذا كان القداس في الصباح أو بعد الظهر، يتم الصوم بدءًا من الساعة الثانية عشر منتصف الليل. أما إذا كان القداس مساءً، كما هو الحال في بعض الأعياد، يتم الصوم قبل موعد التناول بتسع ساعات.
– هذه الـ9 ساعات على عدد الساعات التي تألم فيها السيد المسيح عند صلبه، من الساعة الثالثة (9 صباحا) ساعة الحكم عليه إلى الساعة الثانية عشر (6 مساء) ساعة دفنه بعد موته على الصليب.
– ينبغي أن يكون الكاهن صائمًا عند ممارسة سر مسحة المرضى، ويجب أن ينبه المريض وأقاربه إلى وجوب الصوم عند عمل سر القنديل (ونقصد بهذا صوم انقطاعي).
– وبالطبع كل هذا بخلاف الأصوام الشخصية أو الجماعية التي تكون لغرض معين بخلاف الأصوام الكنيسة الطقسية.مثل أن يصوم إنسان ثلاثة أيام قبل الارتباط بشريك/شريكة الحياة، أو تنادي الكنيسة بصوم لمدة محددة ولغرض محدد، مثلما نادَت بصوم ثلاثة أيام من الدرجة الأولى (ثلاث مرات) خلال مراحل انتخابات البطريرك المائة والثامن عشر، والتي على غِرارها تم تنصيب قداسة البابا تواضروس الثاني.
رابعا :نقط الخلاف مع البروتستانت فى الصوم:
البروتستانت لا ينكرونة بصفة مطلقة و انما يلغونة من الناحية العملية.
1- يقول البروتستانت أن الصوم ينبغي أن يكون في الخفاء، بين الإنسان والله، عملًا بوصية الرب في العظة على الجبل (متى 6: 17، 18).
2- ليست للبروتستانت أصوام ثابتة يصومها جميع المؤمنين، في مواعيد محددة لها، وفي مناسبات خاصة بها. إنما الصوم عندهم – في غالبيته – عمل فردى، يصوم الفرد منهم متى شاء، وكيف شاء ولا سلطان للكنيسة عليه في هذا، ولا تدخل لها في صومه.
3- يعتمدون على فهم خاطئ للآية التي تقول (لا يحكم أحد عليكم في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت، التي هي ظل الأمور العتيدة، وأما الجسد فللمسيح (كو 2: 16، 17)
4- لا يوافقون في الصوم على الطعام النباتي، والامتناع عن الأطعمة الحيوانية ويتهموننا بأننا في ذلك ينطبق علينا على الأقل الجزء الأخير من الآية التي تقول (في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الأيمان .. مانعين عن الزواج، وأمرين أن يمتنع عن أطعمة خلقها الله لتتناول بالشكر) (1تى 4: 1-3).
خامسا : الرد على هذة الاعتراضات :
1-الصوم فى الخفاء و الصوم الجماعى
– الصوم في الخفاء خاص بالعبادة الفردية وليس بالعبادة الجماعية. لأنه يوجد هذان النوعان من العبادة.
– ففي الصلاة مثلًا: توجد الصلاة الفردية، التي تصليها في مخدعك، ولأبيك الذي يرى في الخفاء.
وهذا لا يمنع من وجود الصلاة الجماعية التي تصليها معًا كل جماعة المؤمنين بروح واحدة ونفس واحدة وصوت واحد.
وأمثلتها كثيرة في العهد الجديد. منها صلاة المؤمنين بعد إطلاق الرسولين بطرس ويوحنا من السجن (فلما سمعوا رفعوا بنفس واحدة، صوتًا إلى الله وقالوا) (أع 4: 24).
– كذلك في الصدقة: يوجد عطاء في الخفاء كعمل فردى، لا تجعل فيه شمالك تعرف ما تفعله يمينك (متى 6: 3).
ولكن هذا لا يمنع العطاء العام الذي يجمع من الكل، كما جمع داود النبي من أجل بناء الهيكل.
– كذلك في الصوم: يوجد الصوم الفردي في الخفاء. وهذا لا يمنع الصوم العام، لكي يشترك كل المؤمنين معًا في صومهم.
اما عن الصوم الجماعى : فذكرنا عدد من الامثلة للصوم فى العهدين و هو صوم جماعى و منهم :
أ- صوم الشعب أيام أستير
ب- صوم أهل نينوى
ج- صوم الشعب أيام عزرا، ونحميا
ويقول عزرا (وناديت بصوم على نهر أهوا، لكي نتذلل أمام إلهنا، لنطلب منه طريقًا مستقيمة، لنا ولأطفالنا ولكل ما لنا) (عز 8: 21).
د- الصوم أيام يوئيل
(قدسوا صوما نادوا باعتكاف. اجمعوا الشعب، قدسوا الجماعة ليخرج العريس من مخدعه، والعروس من حجلتها..) (يوئيل 2: 12-17).
وفى العهد الجديد صوم الرسل:
1-عندما سئل السيد المسيح لماذا لا يصوم تلاميذه؟ أجاب بأنه (حين يرفع عنهم العريس، حينئذ يصومون) (متى9: 15). وقد صاموا فعلا، معًا وليس في الخفاء.
2- والقديس بولس الرسول صام صومًا كثيرًا وكل أهل السفينة (أع 27: 21).
الصوم الجماعي مقبول إذن، وهو تعليم كتابي، ويدل على وحدانية الروح في العبادة وفي التقرب إلى الله، وبخاصة إذا كان غرض الصوم أمرًا يهم الجماعة كلها، أو إذا كانت تشترك في الصوم، كما في الصلاة، بروح واحد.
وليس في الصوم الجماعي رياء لأنه ليس أحد مميزًا على غيره فيه. أما درجة الصوم وأعماقه بالنسبة إلى كل فرد فهذه تكون في الخفاء.
وفي العهد الجديد لا يوجد نص واحد يمنع الصوم الجماعي.
2- مواعيد الصوم و تنظيمة من الكنيسة:
– ان الصوم في مواعيد محددة هو أيضًا تعليم كتابي، كما حدد الرب – في سفر زكريا النبي- صوم الشهر الرابع، وصوم الشهر الخامس، وصوم السابع، وصوم العاشر (زك 8: 19).
– ولعل الحكمة في تحديد مواعيد الصوم هو تنظيم العبادة الجماعية.
– وفي المسيحية أخذت مناسبات الصوم طابعًا مسيحيًا، لكل منه حكمته وتأثيره وهدفه الروحي.
– إن الكنيسة نظمت الصوم، ووضعت له أسسه الروحية، ومواعيده الثابتة المبنية على قواعد روحية ليس الآن مجالها. وهكذا احتفظت بالصوم، وبقي كعمل روحي لا يستغني عنه احد.
والكنيسة من حقها أن تنظم، بل من واجبها أن تنظم، من أجل صالح جماعة المؤمنين لكي يعبدوا الله جميعًا بروح واحدة. وهي تعتمد في ذلك على قول الرب لقادتها (ما ربطتموه على الأرض يكون مربوطًا في السماء. وما حللتموه على الأرض يكون محلولًا في السماء) (مت18:18).وهكذا يستند التنظيم الكنسي على نص كتابي.
– أما الأخوة البروتستانت، فمن أجل حرية الفرد، أضاعوا فائدة الجماعة كلها واختفي الصوم تقريبًا عندهم. وهو واسطة روحية لا ينافس أحد في مدي نفعها.والنظام عمومًا نافع للفرد، ولا يعتبر مانعًا لحريته، بل هو منظم لاستخدامها.
3- تفسير أية لا يحكم احد عليكم فى صوم :
– لم يقل الرسول (لا يحكم أحد عليكم في صوم) إنما قال (لا يحكم أحد عليكم في أكل أو شرب.. وكان المقصود بذلك المحرمات في الأطعمة بالنسبة إلى اليهود، كأصناف الطعام التي كانوا ينجسونها.
– وهذا يذكرنا بالرؤيا التي رآها القديس بطرس الرسول في قصة هداية كرنيلنوس، لما رأى ملاءة عظيمة وعليها كل أنواع الأطعمة، وسمع صوتًا يقول له اذبح وكل.
فقال بطرس (لا يا رب، لأني لم آكل قط شيئًا دنسًا، أو نجسًا، فصار إليه الصوت ما طهره الله لا تدنسه أنت) (أع 10: 11-15). عن هذه الأطعمة المعتبرة نجسة ودنسة، قال بولس الرسول (لا يحكم عليكم أحد في أكل وشرب). وذلك لأنه في مبدأ الإيمان بالمسيحية، كان أول من دخل المسيحية هم اليهود، فأرادوا تهويد المسيحية أي أن تدخل في المسيحية كل العادات اليهودية مثل النجاسات والتطهير.
– و كذلك ما يخص اليهودية من حفظ السبت والاحتفال بالهلال وأوائل الشهور، والأعياد اليهودية كما هي مثل: (الفصح، والفطير، والأبواق، والمظال، ويوم الكفارة) فأراد بولس مقاومة تهويد المسيحية. ولذلك قال (لا يحكم أحد عليكم في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت التي هي ظل الأمور العتيدة) (كو 2: 16، 17).
إذن لم تكن مناسبة حديث عن الصوم، إنما عن العادات اليهودية التي يريدون إدخالها إلى المسيحية.
4- الصوم النباتى :
أ – نحب أن نقول أولًا أن الصوم في كنيستنا ليس هو مجرد طعام نباتي، إنما هو انقطاع عن الطعام فترة معينة يعقبها أكل نباتي (خال من الدسم النباتي).
ب – الطعام النباتي كان الطعام الذي قدمه الرب،لآدم وحواء في الفردوس (تك1: 29) وبعد الخطية أيضًا (تك 3: 18). وكانت الحيوانات كلها تأكل طعامًا نباتيًا هو العشب (تك1: 30).
ج – لم يسمح الكتاب بأكل اللحم إلا بعد فلك نوح (تك 9: 3) وكان العالم قد هبط مستواه جدًا للدرجة التي ألجأت الرب إلى الطوفان.
د – لما قاد الرب شعبه في برية سيناء، قدم لهم طعامًا نباتيًا هو المن (عدد 11: 7، 8) ولم يسمح بأكل اللحم (السلوى) إلا بعد تذمرهم وبكائهم وهبوط مستواهم. ومع عطية اللحم ضربهم ضربة شديدة. فمات منهم كثيرون (عدد 11: 33) وسمي ذلك المكان قبروت هتأوه (أي قبور الشهوة)، لأنهم هناك اشتهوا أكل اللحم.
ه – ونلاحظ أن الطعام النباتي هو الطعام الذي أكله دانيال النبي والثلاثة فتية، وبارك الرب طعامهم، وصارت صحتهم أفضل من كل غلمان الملك (دا 1: 12-15)
ولعل الحكمة في استخدام الطعام النباتي هي أمران: استخدام الأطعمة الخفيفة البعيدة عن الشهوة والتي لا تثير الجسد، كما أن الطعام النباتي كان النظام الأصلي الذي وضعه الله للإنسان.
5- إعتراض مانعين عن أطعمة
– الكتاب في النص الذي اعتمد عليه البروتستانت، لا يتحدث عن نظام في الكنيسة، إنما يقول (يرتد قوم عن الإيمان، تابعين أرواحًا مضلة وتعاليم شياطين؛ مانعين عن الزواج وآمرين أن يمتنع عن أطعمة قد خلقها الله للتناول بالشكر (1تي4: 1-3).
– ولعل المقصود بهذا المانعين والمونتانيين الذين حرموا الزواج، وحرموا اللحم، وحرموا الخمر، وقد حرمتهم الكنيسة وشجبت كل ما نشروه من بدع.
– والكنيسة لا تحرم اللحوم وما ينتمي إليها، إنما تمتنع عنها في الصوم نسكًا وليس لأنها نجسة. بدليل أن الصائمين يأكلون هذه الأطعمة حينما يفطرون.
– إن دانيال أكل القطاني فقط وامتنع عن باقي الأطعمة، ولم يقع تحت حكم هذه الآيات. وكذلك يوحنا المعمدان في كل ما امتنع عنه من أطعمة وكذلك النساك في كل زمان ومكان.
– عن النسك -ولوقت محدد- شيء، وتحريم الأطعمة شيء آخر.
الختام :
ان جوهر الصوم هو انطلاق الروح من مطالب هذا الجسد، لكي يسمو الجسد معها، ويرتفع الإنسان بعيدًا عن ثقل المادة، متجهين معًا في اتجاه واحد هو محبة الله، والتمتع بعشرته. في الصوم تخصص القلب و الفكر والإرادة لله.
الذين يصومون ولا يستفيدون من صومهم، لابد أنهم صاموا بطريقة خاطئة، فالعيب لم يكن في الصوم، وإنما كان في الطريقة.
وهؤلاء إما أنهم صاموا بطريقة جسدانية، ولم يهتموا بالفضائل المصاحبة للصوم أو أنهم اتخذوا الصوم غاية في ذاتها، بينما هو مجرد وسيلة توصل إلي غاية. والغاية هي إعطاء الفرصة للروح.
إن الصوم هو فترة روحيات مركزة , فترة حب لله، وإلتصاق به. وبسبب هذا الحب ارتفع الصائم عن مستوي الجسد الجسدانيات.
هو ارتفاع عن الأرضيات ليتذوق الإنسان السمائيات. إنه فتره مشاعر مقدسة نحو الله. علي الأقل فيها الشعور بالوجود مع الله والدالة بالوجود مع الله والدالة معه. وهو فترة جهاد روحي: جهاد مع النفس، ومع الله، وجهاد ضد الشيطان.
المراجع
– كتاب روحانية الصوم – البابا شنودة الثالث
– كتاب اللاهوت المقارن الجزء الاول للبابا شنودة الثالث
– محاضرات تبسيط الايمان للانبا بيشوى
– موقع الانبا تكلا