تاريخ الكنيسة القبطية في مصر-اعمدة الرهبنة والمجامع

تاريخ الكنيسة القبطية في مصر – اعمدة الرهبنة و المجامع و البدع و الهرطقات
مقدمة
التاريخ القبطى أو قصة الكنيسة القبطية بوجهها الروحى والوطنى معاً بدت اليوم باهته عند كثير من أبناء هذا الجيل بل ومعدومة الأثر لدى البعض أما هذا الكتاب هو جزء من كياننا الروحى الوطنى بل هي تراثنا الوحيد ونقف الأن على مشارف القرن العشرين من القصة العجيبة التي هي قصة الكنيسة القبطية وفي الربع الأخير من القرن التاسع عشر وعلى امتداد مائه سنة وقد مرت الكنيسة بأحداث وهي أعجب ما في تاريخها.
تاريخ الكنيسة المصرية
كانت مدينة الإسكندرية وقت كرازة الرسل تعتبر – من الناحية السياسة – المدينة الثانية من جهة في الإمبراطورية الرومانية بعد العاصمة روما. لكنها من جهة شهرها العلمية والثقافية، كانت دون منازع عاصمة العالم الثقافية في ذلك الحين… فمدرستها الشهيرة، كانت اكبر مركز علمي وفلسفي في العالم الوثني، بما توفر لها من مشاهير العلماء والفلاسفة وما زخرت به مكتبتها الشهيرة من الكتب والمخطوطات القيمة.. كانت الإسكندرية مدينة دولية عامرة بالسكان من مصريين واغريق ورومان ويهود وبعض أجناس اخرى… وكانت جاليتها اليهودية، أهم الجاليات اليهودية خارج فلسطين. وصل الإيمان المسيحي إلي مصر قبل كرازة مارمرقس بها، نظراص لقرب مصر من بلاد اليهود…
كما كان بين من شاهدوا معجزة يوم الخمسين بعض من سكان ” مصر ونواحي ليبيا التي نحو القيروان” (أع2: 10). وليس ما يمنع أن يكون هؤلاء الذين أمنوا بأورشليم يوم الخمسين، قد حملوا الإيمان معهم إلي موطنيهم… وهناك إشارة في سفر الأعمال إلى ابلوس الإسكندري الذي كان يهودياً وتنصر، مقتدراً في الكتب وخبيراً في طريق الرب “وكان وهو حار بالروح يتكلم ويعلم بتدقيق ما يختص بالرب” (أع18: 24، 25)..
والقديس لوقا كتب إنجليه إلى أحد وجهاء الإسكندرية المدعو ثاؤفيلس ولم يكن إنجيل لوقا هو الوسيلة الأولى التي حملت الإيمان إلى ذلك الرجل بل أنه كان مؤمنا قبل وصول إنجيل لوقا إليه، إذ يقول له لوقا “لتعرف صحة الكلام الذي علمت به” (لو1: 3، 4)… وقيل إن الرسول سمعان القيروني كرز في جنوبي مصر (منطقة أسوان والنوبة)…
وعلى أية الحالات فقد وصل الإيمان المسيحي إلى القطر المصري قبل وصول مار مرقس إليه… لكن تأسيس الكنيسة المصرية التي تعرف باسم كنيسة الإسكندرية، ينسب إلى القديس مارمرقس. والقديس مارمرقس احد السبعين رسولاً – أسس هذه الكنيسة حوالي سنة 60م…. وتمزت بكثرة عدد من آمن، وبسمو روحانيتهم، وبحياة الزهد الفلفية الفائقة الحد التي عاشها جمهور المؤمنين…
ومن فرط إعجابة بهذه الحياة، أشار إليها فيلو الفيلسوف اليهودي الإسكندري في القرن الأول الميلادي في كتابه حياة التامل. كما أسس مارمرقس في الإسكندرية مدرسة لاهوتية، لتثبيت المؤمنين في الدين الجديد، وتقف أمام المدرسة الوثنية الشهيرة تقاوم تيارها وأفكارها وترد عليها… وقد قدر لهذه المدرسة – فيما بعد – بما توفر لها من علماء ان تجذب بعض فلاسفة المدرسة الوثنية وتهديهم إلى الإيمان، بل أن تصبح اكبر مركز دراسى لاهوتي مسيحي في العالم كله شرقاً وغرباً لعدة قرون. وقدمت هذه المدرسة للكنيسة المسيحية في مصر وخارجها علماء وفلاسفة استطاعوا أن يخدموا أجل خدمة، ويذودوا عن إيمانهم باقلامهم التي فندت ادعاءات الفلاسفة الوثنيين…
إن الكنيسة القبطية مبنية على تعاليم القديس مارمرقس، الذي بشَّر بالمسيحية في مصر، خلال فترة حكم الحاكم الروماني “نيرون“في القرن الأول، بعد حوالي عشرون عاماً من صعود السيد المسيح. ومارمرقس هو أحد الإنجيليين وكتب أول إنجيل. وانتشرت المسيحية في كل أنحاء مصر خلال نصف قرن من وصول مارمرقس إلىالإسكندرية (كما هو واضح من نصوص العهد الجديد التي إكتُشِفَت في البهنسا، بمصر الوسطى، وتؤرَّخ بحوالي200م.، وجزء بسيط من إنجيل القديس يوحنا، مكتوب بالغة القبطية؛ الذي وُجِدَ في صعيد مصر ويُؤرَّخ في النصف الأول من القرن الثاني).
إن الكنيسة القبطية – وهي عمرها الآن أكثر من تسعة عشر قرناً من الزمان–كانت موضوع العديد من النبوءات في العهد القديم. ويقول إشعياء النبي في إصحاح 19، الآية 19: “وفي ذلك اليوم، يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر، وعمود للرب عند تخمها.”
وبالرغم من الإتحاد والإندماج الكامل للأقباط في النسيح المصري،
فقد إستمروا ككيان ديني قوي، وكوَّنوا شخصية مسيحية واضحة في العالم. والكنيسة القبطية تعتبر نفسها مُدافِعاً قوياً للإيمان المسيحي. وإن قانون مجمع نيقية –الذي تقرِّهُ كنائس العالم أجمع، كتبه أحد أبناء الكنيسة القبطية العظماء: وهو البابا أثناسيوس، بابا الإسكندرية، الذي إستمر على كرسيه لمدة 46 عاماً (من عام 327 حتــى عام 373). وإن مكانة مصر محفوطة جيداً في هذا الأمر، فهي التي هربت إليها العائلة المُقدّسة هرباً من وجه هيرودس: “فقام وأخذ الصبي وأمه، وإنصرف إلى مصر.
وكان هناك إلى وفاة هيرودس، لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: “من مصر دعوت إبني“. (مت13:2-15)
إن مُساهمة الكنيسة القبطية في المسيحية لهي عديدة. فقد لعب دوراً هاماً في اللاهوت المسيحي… وخاصة لتحميها من الهرطقات الغنوسية. وقد حَمَت الكنيسة القبطية آلاف النصوص، والدراسات اللاهوتية والإنجيلية، وهي مصادر هامة لعلم الآثار. وقد تمت ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة القبطية في القرن الثاني. وإعتاد مئات الكتبة بنسخ نسخ من الكتاب المقدس وكتب طقسية ولاهوتية. والآن، تضم مكتبات ومتاحف وجامِعات في العالم أجمع مئات الآلاف من المخطوطات القبطية.
وتعتبر مدرسة الإسكندرية المسيحية هي أول مدرسة من نوعها في العالم، فبعد نشأتها حوالي عام 190 م، على يد العَلاَّمة المسيحي بانتينوس، أصبحت مدرسة الإسكندرية أهم معهد للتعليم الديني في المسيحية. وكثير من الأساقفة البارِزين من عِدَّة أنحاء في العالم تم تعليمهم في تلك المدرسة، مثل “أثيناغورَس“، و“كليمنت” (القديس كليمنضس السكندري)، و“ديديموس“، والعلامة العظيم أوريجانوس، الذي يُعتبر أب عِلم اللاهوت، والذي كان نَشِطاً كذلك في تفسير الكتاب المقدس والدراسات الإنجيلية المُقارنة.
وقد كتب أكثر من 6000 تفسيراً للكتاب المقدس، بالإضافة إلى كتاب “هيكسابلا” الشهير. وقد زار العديد من العلماء المسيحيين مدرسة الإسكندرية، مثل القديس جيروم ليتبادل الأفكار ويتصل مباشرة بالدارِسين. إن هدف مدرسة الإسكندرية لم يكن محصوراً على الأمور اللاهوتية، لأن علوم أخرى مثل العلوم والرياضيات وعلوم الإجتماع كانت تُدَرَّس هناك.وقد بدأت طريقة “السؤال والجواب” في التفسير بدأت هناك. ومن الجدير بالذِّكر، أنه كانت هناك طرق للحفر على الخشب ليستخدمها الدارسون الأكفاء ليقرأوا ويكتبوا بها، قبل برايل بـ15 قرناً من الزمان! وقد تم إحياء المدرسة اللاهوتية لمدرسة الإسكندرية المسيحية عام 1893 م.
واليوم لديها مبانٍ جامعية في الإسكندرية، والقاهرة، ونيوجيرسي، ولوس أنجلوس، حيث يدرس بها المُرَشَّحون لنوال سِرّ الكهنوت، والرجال والسيدات المؤهلون العديد من العلوم المسيحية كاللاهوت والتاريخ واللغة القبطية والفن القبطي.. بالإضافة إلى الترنيم والأيقنة (صنع الأيقونات) والموسيقى وصنع الأنسجة.
وقد نشأت الرهبنة في مصر وكانت ذات تأثير هام في تكوين شخصية الكنيسة القبطية في الإتضاع والطاعة، والشكر كله لتعاليم وكِتابات آباء برية مِصر العِظام (في بستان الرهبان، وغيره). وقد بدأت الرهبنة في أواخر القرن الثالث وإزدهرت في القرن الرابع. ومن الجدير بالذِّكر أن الأنبا أنطونيوس وهو أول راهب مسيحي في العالم، كان قبطياً من صعيد مصر.
والأنبا باخوميوس الذي أسَّس نظام الشركة والرهبنة، كان قبطياً كذلك.والأنبا بولا، أوَّل السوَّاح كان قبطياً. وهناك العديد من مشاهير الآباء الأقباط، نذكر منهم على سبيل المِثال لا الحصر: الأنبا مكاريوس، والأنبا موسى الأسود، ومارمينا العجايبي.. ومن آباء البرية المُعاصرين البابا كيرلس السادس وتلميذه الأنبا مينا آفا مينا (المنتقلين). وبنهاية القرن الرابع، كان هناك مئات من الأديرة، وآلاف من القلالي والكهوف مُنتشرة على كل أرض مصر.
وكثير من هذه الأديرة مازالت مزدهرة، ويأتيها العديد من طالبي الرهبنة وبها مئات الآباء الرهبان حتى هذا اليوم. إن كل الأديرة المسيحية، نبعت جذورها –بطريقة مباشرة أو غير مباشرة– من ذلك المِقال المِصري. وقد زار القديس باسيليوس –وهو مُنَظِّم الحركة الرهبانية في آسيا الصغري– مصر سنة 357 م. وقد إتبعت الكنائس الشرقية ذلك المِثال؛ والقديس جيروم –الذي تَرجَم الكتاب المقدس إلى اللغة اللاتينية– جاء إلى مصر سنة 400م. وترك تفاصيل خبراته بمصر في رسائله.
وكذلك القديس بنيديكت أسَّس أديرة في القرن السادس على مثال ما فعله القديس باخوميوس، ولكن بطريقة أكثر حِزماً. وأيضاً زار آباء البرية عدد لا نهائي من الرحَّالة السوَّاح وقَلَّدوا طريقة حياتهم الروحية وإنضباطها.. وأكثر من ذلك،
فهناك دلائل على الإرساليات القبطية في شمال أوروبا. وأحد الأمثلة هو القديس موريس قائد الكتيبة الطيبيةالذي ترك مصر ليخدم في روما، وإنتهى الأمر به إلى التعليم والتبشير بالمسيحية لسكان جبال سويسرا، حيث توجد بلدة صغيرة تحمل إسمه وديراً له يحوي جسده المقدس، بالإضافة لبعض كتبه ومتعلقاته. وكذلك هناك قديساً آخراً من الكتبية الطيبية وهو القديس فيكتور، والمعروف بين الأقباط باسم “بقطر“.
وقد لعب بطارِكة وباباوات الإسكندرية دوراً قياديّاً في اللاهوت المسيحي، تحت سلطة الإمبراطورية الرومانية الشرقية بالقسطنطينية (ضد الإمبراطورية الغربية بروما). وكان يتم دعوتهم إلى كل مكان ليتحدَّثوا عن الإيمان المسيحي. وقد رأس البابا كيرلس –بابا الإسكندرية– المجمع المسكوني بمدينة أفسس سنة 431 م.
وقد قيل عن أساقِفة الإسكندرية أنهم كانوا يقضون كل وقتهم في إجتماعات ولقاءات! ولم يقف الدور الريادي عندما بدأت السياسة تتداخل في أمور الكنيسة. بدأ هذا الأمر عندما إبتدأ الإمبراطور ماركيانوس بالتدخُّل في شئون الإيمان بالكنيسة. وقد كان رد البابا ديوسقوروس –بابا الإسكندرية، والذي تم نفيه بعد ذلك– واضِحاً: “ليس لديك أي دخل بالكنيسة!” ووضحت أكثر هذه الدوافع السياسية في خلقيدونية عام 451، عندما إتُّهِمَت الكنيسة القبطية ظُلماً بإتباع تعاليم “أوطاخي” الذي آمن بـmonophysitism . وتقول هذه الهرطقة بأن السيد المسيح له طبيعة واحدة فقط (الإلهية)، وليس طبيعتان: الإلهية والبشرية.
ولم تؤمن الكنيسة المصرية أبداً بذلك، بالصورة التي وُصِفَت في مجمع خلقيدونية. وكانت ذلك يعني في المجمع، الإيمان بطبيعة واحدة. أما نحن الأقباط فنؤمن أن السيد المسيح كامِلاً في لاهوته، وكامِلاً في ناسوته، وهذان الطبيعتان مُتَّحِدَتان في طبيعة واحدة هي “طبيعة تَجَسُّد الكلمة“، والتي أوضحها البابا كيرلس السكندري.الأقباط إذن، يؤمنون بطبيعتان: “لاهوتية” و“ناسوتية“، وهما مُتَّحِدَتان بغير إختلاطٍ ولا إمتزاجٍ، ولا تغيير” (هذا الجزء الأخير من قانون الإيمان الذي يُتلى في نهاية صلاة القداس). وهاتان الطبيعتان “لم يَفْتَرِقا لحظة واحدة ولا طرفة عين“.
لقد إتُّهِمَت الكنيسة القبطية بالخطأ في مجمع خلقيدونية في القرن الخامس.
ربما تم تصحيح سوء الفهم هذا، ولكنهم أرادوا إبعاد الكنيسة وأن يعزلوها، وأن يُبطلوا قانونية البطريرك المصري المُسْتَقِلَّة، الذي أصَرّ أن تكون الكنيسة منفصلة عن الدولة. وبالرغم من كل هذا، فقد ظلّت الكنيسة مخلصة وثابتة في إيمانها. وإذا كان ما حدث مجرّد مؤامرة من الكنائس الشرقية لعزل الكنيسة القبطية كعقاب لها لرفضها الخضوع السياسي، أو إذا كان ذلك بسبب أن البابا ديسقوروس لم يذهب لدرجة الميل الثاني ليوَضِّح أكثر أن الأقباط لم غير مؤمنين بالطبيعة الواحدة، فلقد شعرت الكنيسة القبطية دائماً بتفويض لكي تُصلِح الخلاف الهام بين كل الكنائس المسيحية.
وهذا الأمر واضحاً جلياً في شخص قداسة البابا شنوده الثالث، خليفة مارمرقس البطريرك الـ117؛ حيث يقول: “الإيمان هو أهم شئ بالنسبة للكنيسة القبطية، ويجب على الآخرين أن يعوا أن المصطلحات وغيرها غير هامة بالنسبة إلينا.”
وخلال القرن الماضي، لَعِبَت الكنيسة القبطية دوراً هاماً في الحركة المسيحية العالمية. فالكنيسة القبطية هي من أول الذين أنشأوا “مجلس الكنائس العالمي“. وقد ظلّت عضواً في هذا المجلس حتى عام 1948م. والكنيسة القبطية كذلك هي عضواً في “مجلس كل كنائس أفريقيا” و“مجلس كنائس الشرق الأوسط“.وتلعب الكنيسة القبطية دوراً هاماً في إدارة الحوار لحل الإختلافات الجوهرية بينها وبين كنائس الكاثوليك، والأرثوذكس الشرقيين، والمشيخيين، والبروتستانت.
ربما يكون الصليب هو الفخر الحقيقي للكنيسة القبطية. ففخر الكنيسة هو الإضطهاد الذي بدأ ربما من يوم الإثنين الموافق 8 مايو 68 م. (بعد عيد القيامة)، عندما إسْتُشْهِد قديسنا المُبَشِّر مار مرقس الرسول، بعد جَرّه من قدميه عن طريق الجنود الرومان وجابوا به كل شوارع الإسكندرية وزِقاقها. وقد تم إضطهاد الأقباط على يد كل حُكّام مصر تقريباً.
لدرجة أن قساوسة الكنيسة القبطية كان يتم تعذيبهم ونفيهم حتى على يد أخوتهم المسيحيين، بعد إنشقاق مجمع خلقيدونية عام 451م.، وحتى فتح العرب لمصر عام 641م. ولتأكيد حبهم في الصليب، فقد إتّخذ الأقباط تقويماً، يطلق عليه تقويم الشهداء، الذي يبدأ عهده يوم السبت الموافق 29 أغسطس284م، لإحياء ذِكرى لشهداء الإيمان في عهد الإمبراطور الروماني دقلديانوس. وما يزال هذا التقويم يستعمله المُزارعين في مصر لتتبع تغيرات الفصول الزراعية وكذلك في كتاب الفصول الذي يُستخدم في القداسات والمناسبات الكنسيّة
نشأة مدرسة الاسكندرية وشهرتها
عندما حضر مارمرقس إلى مصر كانت الإسكندرية مركزاً هاماً للثقافة الوثنية، وفي مدرستها الوثنية ومكتبتها الشهيرة تخرج كثير من الفلاسفة والعلماء – فكان لابد أن يقيم مدرسة لاهوتية لتثبيت الناس في الدين وترد على افكار الوثنين وكان مارمرقس نفسه باللغات العبرية واللاتينية واليونانية وحسب ثقافته أدرك مقدار خطر الفكر الوثني وهكذا انشأ مدرسة لاهوتية مسيحية في الإسكندرية عين لرئاستها العلامة يسطس.
المدرسة الوثنية والمدرسة المسيحية ومدى العلاقة بينهما:
المدرسة الوثنية هي التي أنشأها بطليموس الاول ملك مصر وقد بلغت ذروتها في العلوم والفلسفة في القرن الاول للمسيحية ولم توجد مدرسة تعادلها في دراستها الطبيعية والعلمية في الطب والتشريح والرياضة والفلك من أجل هذا كانت هذه المدرسة منافسا للمدرسة المسيحية. ومع ذلك عاشت المدرستان جنباً إلي جنب لكل منها طابعه الجامعي الخاص.
الرهبنة
رؤساء الرهبنة ومشاهير الكنيسة فى القرن الرابع
رؤساء الرهبنة
1- مكاريوس المصرى ( أبو مقار الكبير ) ( الطوباوى )
أما هو فترك ذلك المكان وتوجه الى صحراء ليبيا ببرية الأسقيط بوادى النطرون وكان قد بلغ من العمر 30 سنة ، ثم ذهب الى القديس أنطونيوس أب الرهبان ،وتتلمذ له والبسه اسكيم الرهبان ، وكان قد شاع صيته فذهب اليه جماهير من المؤمنين ليتعلموا منه ، فأقام ديرا ( دير البراموس ) ثم بنى بعد ذلك دير ابى مقار .
ولما بلغ الأربعين من عمره سنة 340 م رسم كاهنا وكان محبا للصمت والأنفراد ، وكان ناسكا فى مأكله ومشربه ونومه ، وذات يوم سمع صوتا يقول له ( أنك لم تبلغ بعد يامكاريوس درجة سامية من الكمال الذى بلغته أمرأتين عائشتان فى بيت واحد بالأسكندرية وهما فلانه وفلانه فلما سمع القديس هذا الصوت قام لوقته وذهب حتى وصل الى ذلك المكان قرع الباب ففتحت له احدهما فقال لهما أنى من أجلكما عانيت مشقة السفر هذا ، وأنى مشتاق أن اعلم ماذا تصنعان وماهى حالة معيشتكما ،
والح فى السؤال فقالتا له أننا قد تزوجنا من أخوين ونحن لسنا أختين من مدة 15 عام ومنذ ذلك الوقت لم تخرج من فم الواحده كلمة تغيظ الأخرى ولم يحدث بيننا خصام أوشبه خصام وكانتا يصومان الى المساء وأن الواحده منا لاتميز أولادها ، وأننا قبل زواجنا كنا نريد الرهبنة . ولما سمع القديس هذا قال حقا أن الله يمنح المتزوجين كما يمنح المتبتلين.
وبعد أن أستراح ذهب الى ديرة وفى سنة 375 م أمر فالنص قيصر الأريوسى بطرد جميع رؤساء الأديرة الأرثوذكسيين فنفاهم الى جزيرة فى الصعيد الأعلى ( هو والقديس مكاريوس الأسكندرى ومعه كثير من الرهبان ) وكانت تلك الجزيرة وثنية وبها هيكل للأصنام، وكانت ابنة كاهن الأوثان مصابه بروح نجس، فصلى القديس مع الفتاه ففارقتها ذلك الروح الشرير وبرئت وللحال اعتمد معظم اهل تلك الجزيرة ، وبعد حوالى عام من النفى أصدر أمر بأعادتهم الى أديرتهم ، ولما عاد القديس أستأنف عمله فى الأرشاد والتعليم الى أن رقد فى الرب فى 27 برمهات سنة 108 ش وله 90 عاما
،وجسده الآن فى ديره ببرية شيهيت وله مؤلفات كثيرة وأقوال بعضها بالقبطية واليونانية والعربية والفرنسية ، وله قصص جميله مثل قصة عنقود العنب وقصة المرأة التى وضعها الأخ تحت الماجور
المجامع والبدع والهرطقات
مجمع نيقية – 325 م
المجامع المسكونية:
وتعترف الكنائس غير الخلقيدونية ( التقليدية ومايليها) بثلاثة مجامع مسكونية فقط
- مجمع نيقية 325 م بدعوة من الامبراطور قسطنطين الكبير لدحض بدعة اريوس
- مجمع القسطنطينية 381 م بدعوة من الامبراطور ثيودوسيوس الكبير لدحض بدعة مكدونيوس
- مجمع افسس الأول 431 م بدعوة من الامبراطور ثيودوسيوس الصغير لظهور بدعة نسطور.
الاستشهاد
منذ استشهاد الآباء الأولين الرسولين وما بعدهم، والكنيسة تُعيِّد لهم، مُعتبِرة أنَّ يوم شهادتِهِم هو يوم ميلادهم الحقيقي، وهو ما نُسميه ”مولِد الشهيد“ وهذا التعبير قديم في كنيستنا التي تعتبِر موت الشهيد ليس موتًا بل حياة أبدية، ولهذا احتمل الشهيد الذي نُعيِّد لِتذكاره كل عذاب مُستعذِبًا الألم مُحتقِرًا الموت.
لذلك نجد التاريخ الكنسي يُقنِّن أعياد الشُهداء ويُحدِّدها كنسيًا، لنجتمِع فيها ونحتفِل بتذكار ميلاد (استشهاد) الشهيد… بالفرح والتهليل مُتذكرين أنواع آلامه فيكون عِبرة لأبناء الكنيسة كلها..
ويتأكد هذا فيما قاله العلاَّمة ترتليان عن بولس الرسول وميلاده ثانيةً بميلاد جديد في روما لأنه جاز آلام الموت هناك.. من أجل هذا حرصت الكنيسة على إقامِة تذكار آلام الشُهداء في أيام استشهادهم مع عمل سِجِلاَت للتأريخ.
وكان المُؤرِخون الأوائِل بغِيرة ونشاط زائِد يهتمون بجمع سِيَر الشُّهداء واستوداعها تاريخ الكنيسة، الأمر الذي حفظ لنا قدرًا كبيرًا من أعمال شهادتِهِم..
ويذكُر تاريخنا القبطي أنَّ أوَّل من دوَّن حوادِث الاستشهاد في تاريخ الكنيسة القبطية هو القديس يوليوس الأقفهصي كاتِب سِيَر الشُّهداء الذي عاش في زمن الطاغية دقلديانوس كشاهِد عيان وشهيد، واهتم جدًا بتحديد تاريخ شهادتهم لعمل تذكاراتِهِم الكنسية، وبكتابِة سِيَر أعمال استشهادهم.
كان القديس يوليوس الأقفهصي ثريًا ويشغل منصِبًا كبيرًا في الأسكندرية، وأحب خدمة الأعضاء المُتألِمة، فخدم المُعترفين والشُهداء، يزورهم، يخفِّف آلامهم، يسِد احتياجاتهم، ويدفن أجسادهم.. ولأنه كان من الأثرياء، لذا كان يُساعده ثلاثمائة غُلام من الكَتَبَة والمُساعدين استخدمهم في تسجيل سِيَر الشُهداء وكتابتها وكان معه مِئتان من المُؤرخين.. وبعد أن استبقاه الله لهذا العمل العظيم، ظهر له السيِّد له المجد في رؤيا ليمضي إلى سمنود ويشهد له، وهناك صاحب استشهاده أعاجيب مُتنوعة، حتى قُطِعَت رأسه مع آخرين (ألف وخُمسمائة)..
مُبارك الله ربنا، الذي استبقاه من أجل ثباتنا وتعزيتنا ومن أجل ملكوته الأبدي الذي أعدُّه للذين يُحبون ظهوره..
ويذكُر التقليد أنَّ سِيَر أعمال شُهداء مصر مُحتواه في سنكسار cuna[arion يُسمَّى بسنكسارالإسكندرية الجامِع أو سنكسار هيرونيموس، الذي يستنِد إلى سِجِل أعمال شُهداء يوسابيوس القيصري المُؤرِخ الكنسي المشهور..
وهناك أربعة تقاويم قبطية تم نشرها بواسطة العالِم ماي Mai، واثنان آخران بواسطة العالِم سلوان، وكذلك توجد أعمال شُهداء جَمَعْها مشاهير مؤرخي الأقباط كان آخرهم الأنبا ميخائيل أسقف أتريب ومليج..
ولِسِيَر الشُّهداء طبيعة تاريخية، تُسمَّى في الأصول التاريخية بأعمال الشُّهداء Acts of Martyrs = Acta Martyrummويُسجل في هذه الأعمال الحوارات التي دارت في المحاكِم بين القُضاة أو الوُلاة وبين الشُهداء، وأنواع العقوبات، وكل ما حدث من أعمال شهادة والكتب الأخرى). كترث للكنيسة وكِنز للبركة والتقوية والمعونة، فضلًا على تدوين كلِماتالشُهداء والرؤى التي تُعلَنْ لهم..
وهناك تقارير تاريخية ووثائِق كَتَبْها شهود العيان وسجَّلوا فيها بلغتِهِم ما سمعوه ورأوه، وكانت هذه التقارير تعتني بوصف آلام وعذابات الشُهداء وتُسمَّى بلغة التأريخ Passions or Martyria وكذا بعض القصص التي يرويها الآباء عن ظروف الاستشهاد في تعليم الشعب، وهذه القصص تُكتب غالِبًا في زمن مُتأخِر عن زمن الاستشهاد، وتُسمَّى بلغة التأريخ Legend أي رواية تاريخية. وهناك نوعان من روايات الاستشهاد، هما (أعمال) و(آلام) الشُهداء، فأعمال الشُّهداء تتضمن محاضِر جلسات المُحاكمة، والتي تحتوي على أسئِلة السلطات وأجوِبة الشُهداء عليها، مُسجلة بواسطة كَتَبِة المحكمة الرسميين، ثم الأحكام التي نطق بها القُضاة، تلك الوثائِق التي حُفِظَت في دواوين الدولة ومعروفة لدى الكُّتَاب الكنسيين مثل سيرة يوستينوس الشهيد، وسيرِة الشهيد كبريانوس.. وهذه المصادِر لها قيمتها التاريخية التي لا شك فيها بسبب واقعيتها وأصالتها..
أمَّا آلام الشُهداء فهي الروايات التي سَرَدْها شهود العيان المُعاصرين لها، ثم جُمِعَت ودُوِنَت بعد حدوثها بوقت قليل مثل قصة استشهاد بوليكاربوس، الذي سُرِدت سيرته قبل العيد السنوي الأوَّل لذكرى استشهاده… نصوص هذه الوثائِق التاريخية تحمِل لنا الأخبار كما سجلتها اليد الأولى، وتُعطينا أيضًا شهادة صحيحة عن إيمان الكاتِب والبيئة التي كان يتحرك فيها، ووعيه الخاص بتقوى الشُهداء..
وإلى جانِب التأريخ الخاص بالشُهداء، نجد أنَّ سِيَر الشُّهداء منذ العصور المُبكرة للكنيسة قد دخلت ضمن الصلوات الليتورچية القبطية، ولم يعُد من الممكن أن نحتفِل بتاريخ تِذكارهم إلاَّ في القداسات الإلهية.
طرق التعذيب
- قطع الرأس بالسيف.
- الحرق.
- الصلب.
- الإلقاء للوحوش المُفترِسة.
- الاستعباد.
- النفي.
- الجَلْد بالسِياط.
- الضرب بالعصي.
- الإلقاء في النيران.
- الحبس في السجون.
- الإلقاء في بُحيرات جليدية.
- السلخ.
- نشر الجسم.
- صب القار المغلي.بتر الأعضاء.
- الشنق.
- مرور العجلات المُسنَّنة فوق جسم المُعترِف.
- السحل.
- العصر بالهنبازين.
- تشويه الأجساد.
- دفن الإنسان حيًا.
- العذابات المُخجِلة.
- بقر بطون الحوامِل.
- شطر المسيحي نصفين بشجرتين مُتقابلتين.
تاريخ علاقة السلطة بالكنيسة
المراجع
من كتاب مذكرات في تاريخ الكنيسة المسيحية – القمص ميخائيل جريس ميخائيل
تاريخ الكنيسة يوسابيوس القيصري
عصر المجامع القمص كيرلس الانطوني مكتبة المحبة طبعة اولى 13197 /2002 ص22- 26
المصادر التاريخيه الرحاله الفارسي غبد اللطيف البغدادي في كتاب اسماه اخبار مصر وابو الفرج بن العبري في كتابه مختصر تاريخ الدول
يوحنا،منسى.تاريخ الكنيسةالقبطية.الطبعة الثالثة.القاهرة.مكتبة المحبة 1982