طقس

الإعتراف على يد كاهن من واقع نصوص الكتاب المقدس

جدول المحتويات

 الإعتراف على يد كاهن من واقع نصوص الكتاب المقدس و اقوال الأباء

بحث كنسي الأعتراف على يد كاهن من واقع نصوص الكتاب المقدس و اقوال الأباء

مقدمة “الإعتراف “

يقول القديس اغسطينوس: “ان وراء كل إلحاد شهوة”

رُتب هذا السر في الكنيسة المقدسة ليكون سبيلاً لرجوع الخاطئ إلي الله وتجديد سيرته وذلك بإظهار ندامته وبإعترافه لله علي يد كاهن فيحصل منه علي الحل والغفران بموجب السلطان الممنوح له من الله كوكيل للأسرار المقدسة.

إن الإعتراف لله يكون بمحضر الكاهن حيث انه هو المؤتمَن من قِبَل الله “كخدام المسيح ووكلاء سرائر الله” (1كو9:4). وهو الذي يُحاسب أمام الله كمسئول عن رعيته (أنظر: (1كو 1،2:4) و (1بط 10:4) و (مت 45:24) و (لو 42:12) و (تيط 7:1) و (مت 25: 14-21)

نحن لا نعترف للكاهن، إنما نعترف لله في وجود الكاهن، ومن فم الكاهن نسمع صوت الله لنا “والآن نحن جميعًا حاضرون أمام الله لنسمع جميع ما أمرك به الله” (أع33:10).

وسلطان الحل والربط أعطاه السيد المسيح لرسله الأطهار ووصل إلى البطاركة والأساقفة والكهنة بموجب الخلافة الرسولية.

إن الإعتراف علي يد كاهن هو طب روحاني ولذلك يٌسمي الكاهن بالطبيب في الديسقولية ( 8 : 25 ) أنه “طبيب مشترك في الألم” وفي ( ديسقولية 42 : و 43 ) “طبيب كنيسة الرب” والقديس كبريانوس لم يكن يرى في نفسه قاضياً ، بل “طبيباً للنفوس” . وفي رأيه أن الخطية ليست مجرد شيء قابل للحِلّ أو الربط، تُغفر أو لا تغفر، بل نجد في كتاباته التشبيهات الطبية مع مبدأ الحِلّ التدريجي للخطية، حسب درجة الشفاء من الخطية، وهو في هذا يماثل العلاَّمة اوريجانوس.

بعض الآيات عن الإعتراف في وجود كاهن 

(علي سبيل المثال لا الحصر):

في العهد القديم

 

[ان كان يذنب في شيء … يقر بما قد أخطأ به … فيكفر عنه الكاهن من خطيته] (لا5:5-6)


[قال يشوع لعخان: “يا ابني، أعط الآن مجدا للرب إله إسرائيل، واعترف له وأخبرني الآن ماذا عملت. لا تخف عني” فأجاب عخان يشوع وقال: حقا إني قد أخطأت إلى الرب إله إسرائيل وصنعت كذا وكذا] الإصحاح السابع من سفر يشوع


[قال داود لناثان قد أخطأت إلى الرب … فقال ناثان لداود: الرب أيضا قد نقل عنك خطيتك لا تموت] (2صم12: 13و15)


ولا ننسي ايضاً إعتراف شاول لصموئيل في (1صم 31،30:15) [قال شاول لصموئيل: “قد أخطأت. والآن فأكرمني أمام شيوخ شعبي وأمام إسرائيل، وارجع معي فأسجد للرب إلهك” فرجع صموئيل وراء شاول، وسجد شاول للرب.]


قال الحكيم يشوع بن سيراخ في سفر حكمته (31،24:4) [لا تستح من أمر نفسك، فإن من الحياء ما يجلب الخطيئة ومنه ما هو مجد ونعمة.  ولا تستحِ أن تعترف بخطاياك ولا تُغالِب مجرى النهر]


وقال سليمان الملك: [مَنْ يكتم خطاياه لا ينجح، ومَنْ يقرّ بها ويترُكها يُرحَم] (أم13:28).


سفر أيوب الاصحاح ال32: (لأني ملآن أقوالا. روح باطني تضايقني
.

هوذا بطني كخمر لم تفتح. كالزقاق الجديدة يكاد ينشق.

أتكلم فأفرج. أفتح شفتي وأجيب)

 

في العهد الجديد

 

[الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطا في السماء وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولا في السماء] (مت 18: 18). (مت 16: 19).


[ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تُغفر له ومن أمسكتم خطاياه أُمسكت] (يو20: 21-23).


[أمريض أحد بينكم؟ فليدع شيوخ الكنيسة … وإن كان قد فعل خطية تغفر له … اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات] (يعقوب 5)


[“لأن كل رئيس كهنة مأخوذ من الناس يُقام لأجل الناس في ما لله] (عب 9:5)


[واعتمدوا منه في الأردن معترفين بخطاياهم] (مت3: 6)


[وكان كثيرون من الذين امنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم] (اع 18:19).


وتم إستخدام سر الحل والربط من قِبل الرسل في قصة سيمون الساحر (أعمال 8) وقصة حنانيا وسفيرة (أعمال 5) وقصة باريشوع (أعمال 13) وقصة الرجل الكورنثي
( كورنثوس الاولي 5)

 

ولا ننسي انه في معجزة شفاء الأبرص بعد أن شفاه السيد المسيح قال له “انظر، لا تقل لأحد شيئا، بل اذهب أرِ نفسك للكاهن وقدم عن تطهيرك ما أمر به موسى، شهادة لهم” (متي 8 ومرقس 1 ولوقا 5)

قوانين الكنيسة

تعليم الرسل الاثنى عشر

كتاب تعليم الرسل الاثنى عشر(حوالي100): يحرص على التوبة والاعتراف بالخطايا قبل الإفخارستيا

ـ[اجتمعوا في يوم الرب، واكسروا الخبز، واشكروا، بعد أن تكونوا قد اعترفتم بخطاياكم، حتى تكون ذبيحتكم طاهرة]ـ

 

الديسقولية

في الباب الرابع للأساقفة: يجب ان تعطي مغفرة لمن يتوب … واعرف رتبتك يا أسقف. انك نلت سلطاناً أن تربط، هكذا نلت سلطاناً أيضاً أن تحل

قوانين مجمع اللاذقية سنة 343م

ـ[إن الذين يخطئون خطايا متنوعة ثم يقبلون إلي الاإعتراف والتوبة ويرجعون رجوعاً تاماً عن الشر بعد أن يعطي لهم وقت للتوبة مناسب لاختلاف الخطيئة، فليتقدموا إلي التناول من اجل رحمة الله وجوده] (القانون الثاني)

مجمع قرطاجة

فى القانون 132 من قوانين مجمع قرطاجة :

ـ[إذا قال اسقف ان شخصا اعترف له وحده بجريمة شخصية وانكر الشخص ذلك فلا يعتبر الأسقف ان عدم الأعتماد على شهادته اهانه له]ـ

وفي القانون رقم 46 : ـ[ ليعين زمن التوبة للتائبين برأي الأسقف حسب اختلاف الخطايا.]ـ

المجموع الصفوي

ـ[ جاء في أوامر الرسل القانون 52 يلزمكم أن تكرموا الأباء الروحانيين لأنهم أعطوا من الله سلطان الحياة والموت، بأن يحاكموا الخطاة، ويعاقبوا بدينونة لنار أبدية، وأن يحلوا التائبين عن خطاياهم ويحيوهم(كـ 2 : 32، بـ 42، صـ 45) ]ـ

أقوال الأباء

القديس أثناسيوس الرسولي

بعض من أقوال القديس أثناسيوس الرسولي عن الإعتراف داخل الكنيسة بحضور كاهن، مع ملاحظة ان كان تركيز البابا اثناسيوس في حياته كان ينصب ناحية الدفاع عن لاهوت المسيح وطبيعته وعن العقيدة الأرثوذكسية ولم يتطرق للطقس إلا القليل فمن الطبيعي ألا نجد شروح وافية لطقوس الكنيسة في عهده ولكن نجد تلميحات لوجود هذا السر في أيامه:

 

[كما يستنير الإنسان بنعمة الروح القدس بنواله سرَّ المعمودية بواسطة الكاهن، كذلك أيضًا مَنْ يعترف بخطاياه بقلبٍ تائبٍ ينال الغفران بواسطة الكاهن بمقتضي نعمة المسيح]

ضد نوفيسيان – باترولوجيا جريكا كـ 26 صـ 1315

 

وفي مدخل سفر المزامير يقول البابا اثناسيوس: [وإن أخطأت وندمت بتوبة [بخجل] وقبلت التوبيخ، فلديك كلمات تصلح للإعتراف والتوبة [والتغيير] موجودة في المزمور الخمسين.]

وهو نفس القول الموجود في رسالة القديس أثناسيوس إلى مارسلينوس: 20

 

[ليت الذين هم منا وقد ابتعدوا عنا يرجعون مرة أخرى، معترفين بخطاياهم، ولا يكون في قلبهم شيء ضد أحد، بل بالروح يميتون أعمال الجسد.]

(الرسالة الفصحية رقم 4)

 

[ليتنا نفي نحن بنذورنا للرب، معترفين بخطايانا، حافظين العيد للرب في أحاديثنا وسلوكنا وطريقة حياتنا، مسبحين ربنا الذي أدبنا إلى قليل لكنه لم يتركنا أو يهلكنا… ولا أبتعد صامتًا عنا.]

(الرسالة الفصحية رقم 10)

القديس كيرلس الكبير

ـ[إن الكهنة المتوشِّحين بالروح القدس يتركون خطايا أو يمسكونها على نوعين كما أري. إما أنهم يدعون إلى المعمودية الذين اقتضي نيلهم إياها حسن سلوكهم وخبرتهم بالإيمان. وإما بأنهم يمنعون البعض ويحجبونهم عن النعمة الإلهية، لأنهم  لم يصيروا بعد مستحقين لها. أو على وجه آخر أيضًا يتركون الخطايا ويمسكونها، وإما بمسامحتهم إياها عندما يندمون (يتوبون

 

المرجع السابق: ديونسيوس الأريوباغي

 

ديونسيوس الأريوباغي الذي ورد ذكره في أعمال الرسل يقول فى ميمره على الراقدين عن الاعتراف للكاهن:

ـ[إن صلوات التائبين تنفع جدًا، وكذا من تقدم إلى رجل بار كاهن وأعترف له بآثامه، فإنه ينال الصفح والغفران كما من الله، وتتمحص خطاياهم وينال المواهب الإلهية التي يحتاجها، لأنه من ذلك شرع في الأحكام الإلهية أن يمنح الله المواهب ويعطيها لنا بواسطة الآباء، وسلطان الحل للكهنة فقط لا للرهبان، والكاهن الذي في حالة الخطيئة لا يمكنه أن يوزع النور أي نقل النعمة]ـ

القديس اكليمنضس الرومانى

قال القديس اكليمنضس الرومانى تلميذ بطرس الرسول فى رسالته الاولى الى أهل كورنثوس

ـ[الاولى بالناس أن يعترفوا بآثامهم وخطاياهم من أن تتصلب قلوبهم، وقال فى رسالته الثانية (( ما دمنا فى هذا العالم فلنرعو بكل قلبنا عن الشرور التى وصفناها فى الجسد ليخلصنا الرب ما دام لنا زمان التوبة . فاذا خرجنا من العالم لم يبق لنا أن نعترف هناك أو نتوب]ـ

القديس بوليكاربوس الإزمي

القديس بوليكاربوس الإزميري (القرن الثاني) يوصي الكهنة بأن يكونوا شفوقين ورحماء نحو الجميع، وأن يتحاشوا القسوة في أحكامهم، ذاكرين إننا جميعاً نخضع تحت دين الخطيئة

العلامة ترتليان

ـ[إن جميع الخطأة يتقدمون إلى التوبة الكنسية، عن طريق الاعتراف على يد الكاهن، والكاهن بدوره يعطي الحل من الخطايا أو مغفرة الخطايا على مثال السيد المسيح، الذي كان له السلطان على مغفرة الخطايا، ولم يعهد به إلى أحد إلا للرتب الكنسية] وقال ايضاً : [أن كثيرين ينتبهون الى الخجل أكثر من الخلاص فيهربون من هذا العمل (أى الاعتراف) سترة لهم أو يؤخرونه من يوم الى يوم كمن أصابه مرض فى الاعضاء المستحى منها فأخفى على الاطباء مرضه فيباد بخجله … فاذا أخفينا نفوسنا عن معرفة الناس فهل تخفى على الله .

وهل الاولى لنا أن نهلك وذنوبنا مخفية من أن نحل وهى مكشوفة فى التوبة …. حقاً من يقبل هذا، أن نخجل من إرضاء الرب الذي عصيناه لنستعيد خلاص نفوسنا؟! أحقاً بخجلكم تصيرون مكرمين، يا من لا تستحون من إرتكاب الخطية، بينما تخجلون من طلب العفو عنها؟!

لماذا تهرب من الذين يشاركونك في مصائبك، حتي باعترافك تفرحهم؟! هل يمكن للجسد أن يشعر بالسعادة إن كان عضو واحد فيه متألماً (1كو 126:2)؟؟! إنه يلزم أن نرتبط معاً مشتركين في الحزن ومجاهدين معاً في العلاج]

وقال ايضاً [واذا لم يخجل الخاطئ من أن يبين خطيته لكاهن الرب ويستمد العلاج بحسب قوله. قلت اعترف للرب بإثمي وأنت تغفر شر قلبى]
وقال ايضاً [كما أن من بقى فيهم الطعام غير مهضوم أو تثقلت معدتهم بخلط أو بلغم ، فاذا تقيأوا استراحوا . كذلك من أخطأوا وأخفوا الاثم فيهم تضايقوا داخلا وخنقهم بلغم الخطية وخلطها . ولكن أن شكا أحد نفسه فبشكايته واعترافه يتقيأ الاثم وتزول علة المرض كلها فلا خطر يحرز من يلزمك أن تعترف بخطيتك وامتحن أولا الطبيب الذى تعرض عليه مرضك]ـ

(في التوبة الفصل الـ10

العلامة أوريجانوس

ـ[يوجد ترك آخر للخطيئة صعب للغاية وممكن الحصول عليه بالتوبة، وذلك عندما يبلل الخاطئ فراشه بالدموع، وعندما تصير دموعه خبزًا نهارًا وليلاً، وعندما لا يخجل أن يكشف خطاياه أمام الكاهن طالبًا منه الشفاء، أو عندما يقول بعد الخطيئة قد عرفت خطيئتي ولم اخف أثمي، قلت اعترف للرب بإثمي. فإذا عملنا كذلك وكشفنا خطايانا ليس فقط لله، بل ولمن يستطيع أن يشفي جراحنا. فتمحى خطايانا من الله القائل: قد محوت كالغيم ذنوبك وكالسحابة خطاياك]ـ

(عظات في سفر اللاويين 2 ، 4)

 

وفي عظاته عن المزامير يؤكد علي أهمية اختيار اب الاعتراف قائلاً :

 

ـ[فقط احترس واحذر لمن تعترف له بخطاياك. جرّب أولا الطبيب الذي من شأنه ان يشخص لك مرضك. يجب ان يكون ذو علم وذو رحمة. ومهما قال لك فإتّبعه في كل نصائحه]ـ

(أوريجانوس ، عظات على المزامير ، عظة 2).

 
ـ[فالخاطئ الذي لا يخجل من كشف زلاته لكاهن الرب كالذين يستفرغون من المعدة الأطعمة الثقيلة المتخمة العسيرة الهضم، إنهم حالاً يشعرون بالراحة والفرج. فالخاطئ الذي يخبئ خطاياه في داخله تأخذه لذلك كظة ويختنق بالخطيئة. ولكن إذا شكا نفسه بها وأظهر حالته وإعترف بها فإنه حالاً يستفرغ مع الخطيئة علة مرضة الداخلي]ـ

(عظات في سفر اللاويين 2)

القديس كبريانوس

القديس كبريانوس أسقف قرطاجة (248-258) قال:

ـ[أن هؤلاء قبل أن يتوبوا عن خطاياهم بانسحاق قلب وبساطة وقبل ان يعترفوا أمام كهنة الله العلى ويطهروا ضمائرهم، ويطلبوا من الكهنة علاجات خلاصية لجراحهم الروحية ، ويستعطفوا الرب على الاهانة التى أهانوا بها ايمانه العديم العيب كانوا يتجاسرون بلا حياء أن يشتركوا بجسد الرب ودمه .. فأطلب اليكم أيها الاحباء أن تعترفوا بخطاياكم مادمتم فى الحياة الحاضرة، حيث الصفح عن الخطايا الممنوح من الكهنة مقبول ومرضى عند الله أيضا]

وقال ايضاً [ ما اعظم الايمان والخوف الذي لمن يلتزم بعدم اجتراء الجرائم ولكن عندما يخطئ يذهب معترفاً بذلك لكهنة الله بطريقة واضحة في حزن]ـ

(القديس سيبريان ، على الزوال ، الفصل 28).

[كيف نُعطى لهم الإفخارستيا وهم لم يصنعوا توبة ولم يصنعوا بعد إعترافاً ويد الأسقف أو الكاهن لم توضع بعد عليهم]

قوانين الأنبا أثناسيوس

من ضمن قوانين الأنبا أثناسيوس بطريرك الإسكندرية:

ـ[الله أعطي الكهنة أن يغفروا خطايا الناس، فليتأمل الكاهن من هم الذين يمسك عليهم خطاياهم، ومن هم الذين يغفر لهم]ـ

 

القديس باسيليوس الكبير

ـ[إن صفة الاعتراف بالخطايا هي صفة الآلام الجسدية فكما أن أمراض الجسد لا تعلن لكل واحد ولا لمن اتفق، بل للأطباء الخبيرين الحاذقين بالداء وعلاجه، هكذا الاعتراف بالخطايا يجب أن يكون للكهنة القادرين على الداء والشفاء]

وقال ايضاً [ان الاعتراف بالخطايا للمؤتمنين على تدبير أسرار الله ضرورى ، لأن الذين كانوا يندمون قديما نرى أنهم هكذا صنعوا نحو القديسين وقد كتب فى الانجيل أنهم كانوا يعترفون بخطاياهم ليوحنا المعمدان. وفى أعمال الرسل أنهم كانوا يعترفون للرسل الذين كانوا يعمدون منهم]ـ

( قوانينه المختصرة جواب على سؤال 288)

وقال ايضاً : [من اللازم الأعتراف بالخطايا لمن سلم اليه توزيع أسرار الله

القواعد التي عولجت لفترة وجيزة بعد 370 م: 288 م

القديس ايرنيؤس

القديس ايرنيؤس أشار في كتابه (ضد الهرطقات) ان تلاميذ ماركوس الغنوسي سببوا ضلالا لبعض السيدات لانهم جعلوهم يعترفون اعترافا علنيا مما سبب ان هناك وصمة عار لحقت بهم ( في اشارة ان الاعتراف يجب ان يكون سرياً )

القديس غريغوريوس النيسي

يقول القديس غريغوريوس النيسي مخاطباً التائبين قائلاً:

ـ[اسكبوا قُدامي دموعاً حارة وغزيرة، وأنا أعمل معكم هذا العمل بعينه، خذوا خادم الكنيسة شريكاً أميناً لكم في حزنكم، وأباً روحياً… فينبغي إذاً أن تعتبروا الذي ولدكم بالله أعلى من الذين ولدوكم بالجسد. فاكشفوا له أسراركم. اكشفوا له أسرار نفوسكم كما يكشف المريض جراحه للطبيب فتنالوا شفاء

 

القديس كيرلس الاورشليمي

ـ[ان الزمان الحاضر زمان الاعتراف فاعترف بما ارتكبت قولا وفعلا ليلا ونهارا]ـ

القديس بلاديوس

ـ[ قال أخ: “يا أبي إن النجاسات التي يبذرها الشيطان فيَّ سواء أكملتها أم لم أكملها، فإن العدو لا يتركني أخبر أبي بها بسبب الاستحياء“.

أجاب (تلميذ الأب بفنوتيوس): لا تطع عدوك بل أخبر اباك بجميعها حتي بأحلام الليل، ولا تخفِ عنه شيئاً من افكارك إن كنت مطيعاً له في كل شئ من اجل الله ومؤمناً أنه يُحاسب عنك لطاعتك له، واما ما تخفيه عنه سوف تحاسب أنت عليه كله. ]ـ

من كتاب : تلمذتي لأب اعترافي – ابونا تادرس يعقوب ملطي

القديس يوحنا ذهبي الفم

ـ[إن مثل هؤلاء الكهنة الذين يقيمون على الأرض، ويسرحون في هذا العالم، هم مدعوون لإتمام أسرار السماء. وقد نالوا سلطانًا لم يمنحه الله لا للملائكة، ولا لرؤساء الطغمات السمائية. لأنه لم يقل لهؤلاء: مهما ربطتم على الأرض يكون مربوطًا في السماء. ومهما حللتم على الأرض يكون محلولاً في السماء]ـ

 

ـ[لأن ساكنى الأرض والقاطنين فيها قد سمح لهم أن يسوسوا ما فى السموات ، وأخذوا سلطانا لم يعطه الله لا للملائكة ولا لرؤساء الملائكة ، لأنه لم يقل لأولئك كل ما تربطونه على الارض يكون مربوطا فى السماء ، وكل ما تحلونه على الارض يكون محلولا فى السماء .. ثم أن للمتسلطين سلطانا فى الارض أن يربطوا ولكنهم يربطون أجسادا فقط ، وأما هذا الرباط فانه يمس النفس عينها ، ويجتاز السموات ، وما يعمله الكهنة تحت يثبته الله فوق ، ويؤيد السيد رأى العبيد (أي الكهنة)]ـ

 

وقال أيضا [أى سلطان يمكن أن يكون أعظم من هذا السلطان ؟ ان الآب أعطى الحكم كله للابن وأرى أن هؤلاء تسلموه كله من الابن .. وقد كان لكهنة اليهود سلطان أن يطهروا برص الجسد ، وبالاحرى لم يكونوا يطهرونه بل يفحصون المعتوقين منه ، وأنت تعلم كم كان سلطانهم وقتئذ مشتهى . ولكن هؤلاء قد نالوا سلطانا لا على برص جسدانى بل على الدنس النفسانى ، ولا أن يفحصوه بعد التطهير بل أن يطهروه تماما

( الكهنوت خطاب 3: 4-6)

 

وقال في موضع أخر:

ـ[إن التوبة تُسبب خوفاً وضيقاً للخاطئ، ولكنها ترياق صالح تُعالج فيه علل الخطايا. وهي تفديه من آثامه… أأنتم خطاة؟ لا تيأسوا، فأنا أُصرّ على أن أُقدم لكم الرجاء كدواء، وكأفضل علاج لضعفكم… لن أكف عن أن أُكرر لكم إنه إن أخطأتم لا تيأسوا. إن أخطأتم كل يوم فتوبوا كل يوم]ـ

(العظة الثامنة عن التوبة للقديس يوحنا ذهبي الفم)

ـ[ أخطأت؟ فأدخل الكنيسة وامح خطيئتك … كلما خطئت تُب عن الخطية، ولا تيأس من ذاتك. وإن أخطأت ثانية، فتب توبة ثانية أيضاً، ولا تسقطن من الرجاء بالخيرات الموعود بها سقوطاً كاملاً بسبب إهمال … وإن كنت في غاية الشيب واخطئت، فادخل واندم. لأن هذا المكان (الكنيسة) هو مستشفي وليس محكمة وهو لا يطلب مجازاة علي الخطايا] (في التوبة4:3)

 

ـ[قد نُصب عرش للكاهن في السماء وأصبح له سلطان أن يدير السماويات .. من يقول هذا؟ … ملك السماء نفسه (مهما ربطتموه …) أي شرف يمكنه أن يقابل ويساوي هذا الشرف؟ إن السماء تأخذ من الأرض سلطاناً خاصاً علي الحكم، لأن القاضي يجلس علي الأرض، والرب يتبع العبد، ومهما حكم هذا علي المرؤوسين فذلك يثبته في الأعالي]ـ

ميمر علي كلام أشعياء

 

ـ[ لتحزن عندما تخطئ ليس خوفاً من العقاب (فهذا أمر هين) بل لأنك عصيت سيدك، السيد اللطيف، الرحيم، الذي يحبك ويطلب خلاصك حتي بذل إبنه لأجلك.

لهذا نتنهد وتتنهد دائماً وبهذا تعترف !! ]ـ

 

ـ[ فلنتشبه نحن بالمراة السامرية ولا نخجل من أن نعترف بخطايانا لأن الذي يستحي ان يعترف بخطاياه ليخلص ففي ذلك اليوم تُشهر ليس قدام واحد بل قدام المسكونة كلها. ]ـ

 

ـ[ أما تعلم أن هؤلاء الذين هم أصحاب الرتب الكنسية، الذين يخدمون المذبح المقدس، ليسوا ابراراً بالكلية، إنهم بشر ذوو أجساد ترابية، وحتي نحن أنفسنا الجالسين علي كرسي رئاسة الكهنوت ونعظكم دائماً مشتبكون بالخطايا، ولكن لا نيأس من محبة الله للبشر ولا نظهر عنفاً.

فإنه لهذا جعلا لكهنة تحت أعراض الآلام (الخطية) ليشفقوا علي الغير من الأمور التي تصيبهم.

فإن قلت: لماذا؟ أجبتك بأنه حتي المعلم الروحي، متي حكم يأخذ في إعتباره ضعف المخطئين، ويضع لهم القوانين المناسبة برفق، لكونه عارفاً لضعفهم ونقص قوتهم، فلا يتشدد عليهم القوانين الثقيلة. ]ـ

 

ـ[ إنني أعرف حقاً أنك تعترف بخطاياك … لكن ليس هذا هو كل ما يُطلب منك، بل أشتاق أن تتيقن من انك تتبرر. لأنه طالما تتقدم إلي الإعتراف دون أن تشعر بفائدته، فحتي إذا دنت نفسك، فإنك لن تتخلص من الخطايا المقبلة. فإنه لا يستطيع أحد أن يصنع شيئاً بغيرة وبطريقة مفيدة ما لم يقتنع أولا بفائدتها.

الزارع بعدما يبذر الحبوب، لن يحصد شيئاً ما لم ينتظر المحصول، لانه من يقبل أن يتعب عبثاً، طالما لا يرجو ربح شيئ من تعبه ؟! هكذا كل من يزرع كلمات ودموعاً واعترافاً إن لم يصنع هذا برجاء حسن لن يستطيع أن يتخلص من كونه مخطئاً. ]ـ

 
من كتاب : تلمذتي لأب اعترافي – ابونا تادرس يعقوب ملطي

القديس أغسطينوس

ـ[كم يكون أعظم إيمانًا وأحسن خوفًا مَن يعترفون بتوجّع وبساطة أمام كهنة الرب، بما افتكروا به من إثم منقين ضمائرهم… إلى أن قال فليعترف كل منكم أيها الأحباء بإثمه مادام من إثم في العالم، ومادام ممكنا قبول اعترافه، مادامت المغفرة بواسطة الكهنة مقبولة عند الله، ومن يستطيع أن يغفر الخطايا إلا الله وحده، والذين أعطاهم هو هذا السلطان

 

وقد حذر القديس اغسطينوس المؤمنين قائلاً: [لا تسمعوا لمن ينكرون ان كنيسة الله لها القدرة علي مغفرة الخطايا

(دي agon. المسيح ، الثالث).

 

يقول القديس أغسطينوس تعليقًا على أية “اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالّزَلاَّتِ”

ـ[أنه لو قلنا علِّموا بعضكم بعضًا فالمعلم هو الذي سيعلم التلميذ وليس العكس. والاعتراف هنا يكون لكاهن له سلطان أن يحل ويغفر (يو 20: 22، 23). والسؤال هنا كيف يمكن أن نفهم قول المسيح هذا “مَنْ غفرتم خطاياه تغفر له. ومَنْ أمسكتم خطاياه أُمْسِكَت” هل من حق أي إنسان أن يمسك خطايا الآخرين، وهل لا يوجد تعارض بين هذا القول في (يو 20: 22، 23) مع قول السيد ” إن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم أيضًا زلاتكم (مت 6: 15).]ـ

 

ـ[لا يقل احد اني اخطئ سراً اني اعترف امام الله فهو يعرف قلبي فيعفو عني وإلا فيكون إذاً قد قال الله عبثاً ما تحلونه علي الأرض يحل في السماء والمفاتيح لم تُعطي للكنيسة باطلاً]ـ

عظة 392

 

ـ[ تأمل الأمر ذاته في إقامة لعاذر، فإنه خرج خارجاً ولكن بأربطته، إنه صار حياً بالإعتراف، ولكنه لم يكن قادراً علي السير إنما يرتبك بأربطته. فماذا تفعل الكنيسة التي قيل لها : “كل ما تحلونه علي الأرض يكون محلولاً في السماء” إلا ما قاله الرب لتلاميذه: “حلوه ودعوه يذهب” ]ـ

القديس اغسطينوس

سر. في دروس NT 17: 3

 

ـ[ لا تقف قوة الإعتراف عند كشف ألاعيب الشيطان وكسر شوكته لكنه يلجم لسانه عن الوقوف أمام ربنا ليشتكي علينا … لأننا سبقناه واشتكينا ضعفنا له.

عندما تتهم نفسك لا يجد العدو فرصة يحتال بها ضدك أمام القاضي فإن كنت تتهم نفسك، والرب هو يخلصك فماذا يكون العدو سوي مجرد محتال؟!.

بهذا يستطيع المسيحي أن يحصن نفسه ضد أعدائه … غير المنظورين (إبليس وجنوده) فبكونهم أعداء غير منظورين ينبغي مقومتهم بطرق غير منظورة… ]ـ

 

ـ[ إبتلي الإنسان بمرضٍ، فإستدعي الطبيب لينظر فيه، فوصف له الطبيب الدواء الملائم فشفي. ثم بعد مدة مرض الرجل بنفس المرض، وإذا كان عارفاً بالدواء الأول الذي إستفاد منه، إستغني عن الطبيب. وأخذ يستعمل الدواء الأول من ذاته، فلم يبرأ من مرضه كالمرة السابقة فتعجب من ذلك واستدعي الطبيب وأخبره بما جري له وسأله عن السبب في شفائه في المرة الأولي وعدم شفائه في المرة الثانية …

فأجابه الطبيب بحكمة قائلاً : إن السبب في عدم فائدته لك هو انني لم اناولك اياه.

هذا بنفسه ما نقوله نحن في هذا الصدد، فإنك وإن عرفت العلاج جيداً وسمعت عنه مرات، لكنه لا يفيدك ما لم يعطه إياك رئيسك أو أبوك الذي هو الطبيب الروحي، لأنه الدواء الذي نأخذه من يد الطبيب له قوة خاصة وخصائص مؤثرة، لمعرفة الطبيب حقيقة المرض وظروفه … وقس علي ذلك الادوية النفسانية والروحية.

إن الله يمنح كلام الأب قوة خصائص مؤثرة تنفذ في مفعولها، لكونه قائماً مقامه، فعلاجه الذي يعطي لك ولو كان سهلاً مشاعاً لكنه ينفعك أكثر من كل ما تعرفه ولو كنت عالماً. ]ـ

 

من كتاب : تلمذتي لأب اعترافي – ابونا تادرس يعقوب ملطي

القديس ايرونيموس

 

ـ[إذا كانت الحية الجهنمية قد اصابت أحداً في الخفية بلسعة … فقد ادخلت فيه سم الخطيئة، وكان هذا التاعس المسمم يصر علي عدم الاقرار بها وعدم عمل التوبة، اذا كان يصر علي ألا يكشف جرحه للذي هو اخوه وسيده (اي الكاهن)، فالسيد الذي يقدر أن يشفيه بالكلمة لا يستطيع أن يفيده بسهوله. لما يخجل المريض من كشف جراحاته للطبيب يصبح الطبيب غير نافع لأن الطبيب لا يشفي ما هو جاهل له

علي الفصل العاشر من سفر النشيد

 

ـ[ إن “فبيولا” اذ لم تخجل من الرب علي الأرض هكذا لن يخجل الرب منها في السماء (لو 26:9)، لقد كشفت جراحتها أمام انظار الكل. إنها لم تتعجل الدخول إلي الكنيسة بين صفوف المؤمنين بل امتثلت بمريم اخت موسي، حيث جلست خارج المحلة إلي ان يعيدها الكاهن الذي اخرجها، إلي المحلة مرة أخري (عد 14:12).]ـ

الحلقة 77: 6

 

ـ[ إن العلاج لا يفيد في المرض المجهول. أوضح ذاتك للطبيب إن شئت البرء من علتك بعلاجه لك. وإذا تكاثرت بك الأمراض والعلل أوضحها له كلها. لأن إن أخفيت عنه واحدة وأعطاك الدواء فهو يؤذيك. ]ـ

من كتاب : تلمذتي لأب اعترافي – ابونا تادرس يعقوب ملطي

الانبا بشيان اسقف برشلونة

 

ـ[غفران الخطايا انت تقول عنه انه لله وحده، وهذا صحيح ولكن من خلال كهنته هو يمارس هذا السلطان]ـ

 (الحلقة I ad Sympron.، 6 in PL، XIII، 1057)

 

القديس امبروسيوس

قال القديس امبروسيوس في كتابه (في التوبة) يهاجم النوفاتيين الذين يصرّون ان لله وحده سلطة غفران الخطايا وأكد ان الكنيسة ايضاً لها سلطان لحل ولربط الخطايا

(في الكفارة I.2.6).

ـ[من الظاهر انه يستحيل مغفرة الخطايا عن طريق الاعتراف ولكن المسيح أوكل هذه الموهبة للرسل ومن بعدهم للكهنة

(في الكفارة II.2.12).

ـ[ سلطة الغفران تمتد إلي كل الخطايا فالله لا يفرق وهو وعد بالرحمة للجميع وقد منح سلطانه للغفران لكهنته بدون أي استثناء

(في الكفارة I.3.10).

قال ايضاً في موضع اخر:

ـ[من يستطيع أن يترك خطايا الا الله وحده والذين أعطاهم هو هذا السلطان )) ( جزء 5: 13)

وقال (( ان هذا الحق أعطى للكهنة وحدهم )) ( التوبة 1: 2)

وقال (( أن البشر يتممون سر التوبة لغفران الخطايا من دون أن يكون لهم سلطان فى ذلك باسمهم ، وانما يتممونه بالاسم الممجد اسم الآب والابن والروح القدس ، فهم يطلبون والله يعطى وعلى البشر الطاعة هنا ومن الله الهبة العظيمة]ـ

(فى الروح القدس 3: 8)

ـ[ حقاً انه من المخجل أن يعترف الإنسان بخطاياه، ولكن هذا الخجل يكون أشبه بعملية الحرث للأرض وإزالة العوسج منها وتنقيتها من الأشواك وبهذا تظهر الثمار التي كانت تحسب عدماً ]ـ

 

من كتاب : تلمذتي لأب اعترافي – ابونا تادرس يعقوب ملطي

 

الأنبا موسي

ـ[ إذ كشفت للشيخ … فقد زال عني الإستبداد الشيطاني بقوة هذا الإعتراف، وبقيت هكذا … حتي إنه لم يعد يحاول الشيطان أن يقاومني حتي ولا بتذكر هذه الرغبة ولم أعد بعد أشعر بضبط سم تلك السرقة التي استعبدتني طويلاً. ]ـ

ـ[ ليس هناك وسيلة أخري يسقط بها الشيطان الإنسان بقوة ويقوده إلي الموت، إلا بأن يجعله يحتقر الأباء ويعتمد علي أفكاره وأحكامه.

إن كانت كل الفنون والاختراعات المكتشفة ببراعة الإنسان، التي نفعها يخص حياتنا الزمنية فقط، لا نستطيع فهمها ما لم يعلمنا إياهم معلم، فكم غباوة نكون عليها إذا تخيلنا أننا لسنا محتاجين إلى معلم في تلك الأمور التي لا تراها العين بل القلب النقي، والخطأ فيها لا يؤدي إلى خسارة وقتية يمكن إصلاحها بسهولة بل تدفع إلى انهيار الروح والموت الأبدي؟! هذه التي نخوض فيها معارك نهارية وليلية، ليس أمام أعداء منظورين بل غير مرئيين وقاسين، معارك روحية ليس أمام واحد أو اثنين، بل أمام صفوف بلا حصر!

وللفشل في هذه المعارك خطورته الكبرى، لسبب كثرة العدو (إبليس وجنوده) وسرية الحرب. لهذا يلزمنا أن نقتفي آثار آبائنا وننزع حجاب الخجل كاشفين لآبائنا كل ما يخطر لفكرنا.]

[الفكر الخاطئ يضعف بمجرد كشفه … فبقوة الإعتراف ينسحب أفعوان الدنس من كهفه المظلم المخفي، وأحياناً يظهر ويهرب مفتضحاً.

فالأفكار الشيطانية يكون لها سلطان علينا بمقدار ما تختبئ في قلوبنا ]ـ

ـ[ الله لم يثقف صموئيل النبي، لا بالحديث المباشر ولا بالمحاورة الإلهية، بل سمح له بالذهاب إلي عالي الكاهن، لقد فضّل الله ان يتدرب صموئيل -الذي إستحق سماع صوت الله- علي يدي عالي الكاهن حتي يختبر الإتضاع.

وعندما نادي يسوع بولس ودعاه، فمع أنه فتح له طريق الكمال لكنه إستحق أن يوجهه إلي حنانيا، طالباً منه أن يتعلم عنه طريق الحق، قائلاً له :”قم وأدخل المدينة فيقال لك ما ينبغي أن تفعل” (أعمال 6:9). لقد ارسله إلي رجل شيخ، معتبراً أن ذلك أفضل من أن يتسلم تعاليمه منه مباشرة، لئلا يصير بولس مثلا سيئاً في الإعتماد علي ذاته في التعليم ….

رأينا إذاً أن الله لم يكشف لأحد طريق الكمال، طالما كانت له فرص للتعليم من الأباء واختباراتهم غير مكترث بذلك القول الذي ينبغي علينا ان نهتم به جداً :” واسأل أباك فيخبرك ومشائخك فيقولون لك” (تث 7:32). ]ـ

 المرجع : مناظرات القديس يوحنا كاسيا

الأنبا بولس البوشي

عاون البابا كيرلس الثالث في وضع كتابه: ”المعلم والتلميذ“. وكانت مساهمته أنه جَمَعَ كل ما كتبه آباء الكنيسة القبطية عن ”الاعتراف“، ووضع مُلخَّصاً لها. وقد أوضح هذا الملخَّص أن الاعتراف بالخطايا، إنما هو ”طبٌّ روحاني“، وأن مُعلِّم الاعتراف هو طبيب للروح والنفس، وهدفه هو إبراء النفوس المريضة. لذلك سنَّ الآباء أن يعرف الأب الروحي شخصية المعترف ليُقدِّم له الدواء الروحي الذي يفيده شخصياً وقد لا يفيد غيره. ولقد صادف هذا الكتاب من الرواج ما جعله ينتشر بين جميع طبقات الشعب والكهنة آنذاك. كذلك عُنِيَ كل دير بنقل نسخة منه والاحتفاظ بها لخير الرهبان.

+ ومعروفٌ أن كتاب: ”المعلِّم والتلميذ“ مأخوذ عن كتاب أَسْبَقَ عليه اسمه كتاب: ”الرؤوس“، ولكننا لا نزال نجهل واضعه. ويُبيِّن هذا الكتاب أهمية ”المعلِّم الروحي“ أو ”مرشد الضمير“ الذي يقود تلميذه في حياته الروحية، ويصل به إلى ميناء السلام والهدوء والسكون الباطني.

القديس يوحنا كاسيان

ـ[ تثبت التجربة طالما هي مختفية في القلب فمتي كُشِفَت زالت من قبل أن يجيب عليها الرئيس بشيئ. فكما أن الحية الكامنة في وكرها أو تحت حجر متي كشفت عنها هربت بسرعة … فمت رفعت حجراً من مكانه هرب ما تحته من هوام وحشرات إذ لا يمكنها البقاء لظهور النور. هكذا إبليس الحية القديمة متي كشفت عنه ولي هارباً لأنه اب الظلام ولا يستطيع احتمال النور، وإذ هو متكبر فانه متي أشهر خداعه ومكره الدفين يغتاظ ويولي هارباً بسبب كبريائه

إن الشيئ الذي يستحي الإنسان من كشفه وإظهاره، علامة تدلنا إنه ردئ وأنه تجربة شيطانية.

الأباء الأولون كان يعتقدون -وهو عندهم رأي مسلم به- أننا إذا خجلنا من كشف أمورنا للأب، يكون ذلك الخجل علامة علي كونه فكراً شيطانياً، كما يقول المرتل :”كل ذي إثم يستد فمه” (مز42:106) لأن من يفعل الإثم يبغض النور (يو 20:3) ]ـ

ـ[ إن شئت التمسك بطريقة سهلة لإقتناء فضيلة الإفراز (التمييز)، فحرر أمورك مخبراً بها رئيسك (أب اعترافك) مقتدياً برايه، أخذاً بمشورته، جاعلاً تمييزه وحكمته هما تمييزك وحكمتك. ]ـ

ـ[ … بهذه التداريب … يمكنهم أن يزيلوا عنهم الخجل من الاعتراف بكل افكارهم الداخلية بل يكشفوها فوراً، ولا يحكمون هم بأنفسهم عليها بل يثقون في ابيهم وخبرتهوهكذا لا يستطيع الشيطان أن يهلك أحداً منهم إلا يعد أن يخدعه سواء بالكبرياء أو بالخجل بأفكاره … فكل فكر نخجل من إظهاره لأبينا يكون من الشيطان. ]ـ

من كتاب : تلمذتي لأب اعترافي – ابونا تادرس يعقوب ملطي

الأنبا مكاريوس

 ولا ننسي قصة الأنبا مكاريوس الكبير الذي صادف شيطاناً كارهاً لكل الرهبان ماعدا واحد فقط يحبه لأنه لا يكشف لرؤسائه افكاره وتجارب الشيطان ومحاربته فلما علم الانبا مكاريوس بالامر وذهب للراهب ونصحه وقبل الراهب النصيحة … رجع الشيطان غاضباً جداً وفقد صداقته مع هذا الراهب !

تلمذتي لأب اعترافي – ابونا تادرس يعقوب ملطي ص19

القديس نيلس

[إذا رأيت سحابة داكنة مظلمة، تكون مملوءة ماء، فبمقدار ما تهطل من ماء تخف وتصير بيضاء مضيئة. هكذا الإنسان إذا كان مفعماً بالمشقات والتجارب فإنه يعيش حزيناً متململاً بهمومه. وبمقدار ما يطرح منها، بواسطة إخبار ذلك لرئيسه، وكشف أفكاره له، تخف أثقال قلبه، ويزول حزنه، وينقلب فرحاً وسروراً متعزياً بما ناله من رضي]

من كتاب : تلمذتي لأب اعترافي – ابونا تادرس يعقوب ملطي

القديس يوحنا الدرجي

ـ[ البيض الذي يدفن في الزبل ينمو جنينه، كذلك الأفكار التي لا تظهر تخرج إلي حين الفعل، بمعني أن الأفكار الرديئة التي تُخزَن في القلب ولا تنكشف لمن يمكنه شفائها، تحيا عن طريق العادة وتكمل بالفعل ]ـ

ـ[ لهذا كان يوحنا المعمدان يأمر الذين يأتون أن يعترفوا قبل المعمودية، ليس لأنه يحتاج إلي ذلك، لكنه يفعل ذلك من اجل سلامتهم، فالمعترف في الأكثر يستريح من القتال. وإن قوتل بعد الإعتراف، فالجهاد ضد النجاسة أفضل من جهاد العظمة. ]ـ
من كتاب : تلمذتي لأب اعترافي – ابونا تادرس يعقوب ملطي

القديس دورثيئوس

ـ[ قال سليمان الحكيم : “الذين بلا مرشد يسقطون كاوراق الشجر، لكن السلامة في كثرة المرشدين” (أمثال 14:11).

هل رايت ماذا تعلمنا من الكتب المقدسة؟ إنها تدعونا ألا نعتمد علي إرشاد أنفسنا بل نحن محتاجون إلي المساعدة وغلي من يرشدنا في الله. ]ـ

الفيلوكاليا 1966، توجيهات بخصوص التداريب الروحية 32 لأبونا تادرس يعقوب ملطي صفحة 170 و 171

ـ[ لا يوجد شيئ يفرح إبليس مثل عدم إظهار التجارب والأفكار للرئيس، لتأكده خزاه الله بأن ينتصر علي من حاله هكذا، فيشدد عليه الحرب والقتال إذ يراه وحده. فقد قال الحكيم: “ويل لمن هو وحده، إن وقع ليس له ثانِ ليقيمه” (جامعة 10:4)، ولا يسعفه لئلا يسقط، وليس معه من يبسط إليه يد المعونة ليقيمه.

وعلي العكس لن يوجد شيئ يخيف الأبالسة ويغيظهم مثلما إذا ظهر خبثهم بكشف الأفكار، لأن الشيطان ينقطع رجاؤه في الانتصار علي هذا اللسان ويولي جزعاً. ]ـ

من كتاب : تلمذتي لأب اعترافي – ابونا تادرس يعقوب ملطي

مارفيلوكسينوس

[ الذي يكون معه قتال ويطيع أفكار الشر، ولا يفضح ويكشف أمام أبيه الروحي الذي يعرف صنعة الحروب المعقولة، فإنه شيطان الكبرياء يستلمه في نهاية معركته ويطرحه من ايمان الحق .. ]ـ

                                                                          

دير السريان العامر : الأباء الحاذقون في العبادة جزء اول

القديس حبيب جرجس

ـ[ان التاريخ الكنسى يشهد بأن الاعتراف كان جاريا على وجهين : أحدهما علنى والآخر سرى ، وعلى كلا الوجهين كان غفران الخطايا يعطى من الكهنة وحدهم الذين لهم الحق فى التصريح به . ومع الزمان تنازلت الكنيسة عن الاعتراف العلنى رفقا بأبنائها وحصرته فى الاعتراف السرى]ـ

واستشهد القديس حبيب جرجس بسقراط المؤرخ بذكره لقصة إمرأة شريفة تقدمت الى الكاهن المعرف واعترفت بما ارتكبت من الخطايا بعد المعمودية بالتفصيل

 

ويقول القديس العلامة حبيب جرجس أن هذا التعليم قد أجمعت عليه جميع الكنائس الرسولية شرقا وغربا، وهذا الاتفاق العام دليل على أنه تعليم رسولى مارسته الكنيسة الرسولية منذ انشائها ، والتاريخ يشهد أيضا بهذه الحقيقة . أضف الى ذلك أن الكنيسة البروتستانتية التى أنكرت هذا التعليم تسلم به فى كتبها، فقد جاء فى كتاب نظام التعليم فى علم اللاهوت القويم ما نصه: (( الكنائس اللوثرية والاسقفية تستحسن الاعتراف السرى للراعى فى بعض الاحوال .

وجميع الانجيليين يرفضون الحلة الكهنوتية الا نظير تصريح قانونى للتائبين برحمة الله الغافرة )) ( جزء 1 صحيفة 117) وجاء فى كتاب الصلاة العامة للكنيسة الاسقفية ما نصه (( وهنا يحث القس ( الانسان ) المريض على الاقرار بخطاياه وبعد الاقرار يحله القس على هذا الوجه : ربنا يسوع المسيح الذى ترك لكنيسته سلطانا على أن يحلوا جميع التائبين المؤمنين به حقا ، ليغفر لك خطاياك برحمته العظيمة ، وأنا بسلطانه الذى فوض الى أجلك من جميع خطاياك باسم الآب والابن والروح القدس آمين )) (صحيفة 279

شهادات الهراطقة

 

حتي الهراطقة في العصور الاولي وفي العصور الوسطي لم يختلفوا حول مبدأ الاعتراف السري للكاهن:

                        

لاون

 [ينتمي الإنسان بالأسرار الثلاثة، المعمودية والميرون والإفخارستيا، إلى المسيح وينضم إلى الكنيسة. وهو مدعو أن يفعل انتماءه هذا في حياته ويصل به إلى كماله، بأن يتحول كيانه كله إلى الله بخلعه المتواصل للإنسان العتيق وثباته في الإنسان الجديد، حتى يصل بنعمة الله إلى ” قامة ملء المسيح “(أف13:4) . ولكنه يسقط بالخطيئة من هذه الدعوة، ولهذا فكل الذين ” لم يحفظوا نعمة الولادة الجديدة (المعمودية) بلا عيب وسقطوا من النعمة الإلهية بسبب خطاياهم، يستطيعون أن يحصلوا ثانية على رأفة الله ومحبته برجوعهم إلى الكهنة واعترافهم لهم بخطاياهم واستحقاقهم للغفران]

وقد تكلم لاون في هذا الصدد في مواضع كثيرة منها:

رسالة من البابا لاوون الأول إلى أساقفة كامبانيا ، Samnium و Picenum. ورسالة البابا ليو الأول إلى ثيودور

 

ثيؤدور الموبسيسيتي

[أذا فعلنا خطية عظيمة ضد الوصايا يجب علينا أولا ان نحث ضمائرنا بكل قوتنا علي الإسراع للتوبة بطريقة صحيحة ولا نستخدم دواءاً أخر … هذا هو الدواء الذي اسسه الله وسلّمه لكهنة الكنيسة الذي يستفادون منه في شفاء آلام الناس. هو أسس بعض الرجال الذين هم الكهنة أطباء الخطايا لنتلقي منهم الدواء الشافي وغفران الخطايا]

ثيئودور من Mopsuestia

العظات الدينية: 16

مارتن لوثر

 

ليس فقط هذا بل ان مؤسس الطائفة البروتستانتية مارتن لوثر قال في كتابه سبي بابل : 

إن الإعتراف السري يعجبني كثيراً وهو نافع بل لازم

 

وقال ايضاً:

“إني أعتبر الاعتراف الشخصي شيئًا ثمينا جدًا ونافعًا للصحة الروحية، آه. في الحقيقة من المؤلم جدًا لكل المسيحيين إذا لم يكن هناك اعتراف خاص ويجب أن يشكروا الله بكل قلوبهم أن الاعتراف مسموح ومتاح لهم”
(تاريخ الكنيسة، الدكتور القس جون لوريمر، ترجمة عزرا مرجان، الجزء الرابع، دار الثقافة، 1990، صفحة 136)
 
ويقول أيضًا: ” من الممكن أن يكون للتوبة صفة سر من الأسرار المقدسة لكنني أبكي على انتهاك الكنيسة لهذا السر (يقصد بدعة صكوك الغفران فى الكنيسة الكاثوليكية و هى بدعة مدانة من الكنيسة الأرثوذوكسية)”
(المرجع السابق صفحة 124,125)

شهادة الاتفاق العام

 

فإن جميع الكنائس الشرقية والغربية فضلا عن افتراقها واختلافها بعضها عن بعض فى أمور كثيرة فانها متفقة تمام الاتفاق على جوهر الاسرار السبعة ومن جملتها سر التوبة والاعتراف وهذا الاتفاق دليل صادق على صحة هذا التعليم وقدميته منذ العصر الرسولي.

المراجع الأساسية

  1.       الكتاب المقدس
  2.       سنوات مع أسئلة الناس للمتنيح مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة
  3.      موسوعة مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الانبا غريغوريوس
  4.      كتاب تلمذتي لأب اعترافي لقدس أبونا تادرس يعقوب ملطي
  5.      تفسير الكتاب المقدس لقدس أبونا تادرس يعقوب ملطي
  6.      موقع New Advent
الباحث: جون تكلا

ااهلا بك زائرنا الكريم ، نحن نسعد بوجودك في موقعنا

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: